الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة

في زيارة القدس أوقات التعريف [ ص: 412 ] مسألة جليلة كثيرة الفوائد، مبتلى بها كثير من الناس فيمن ينوي زيارة القدس أوقات التعريف.

* مسألة:

بسم الله الرحمن الرحيم

ما تقول السادة العلماء أئمة الدين وعلماء المسلمين رضي الله عنهم أجمعين، فيمن ينوي زيارة بيت المقدس في أوقات التعريف، ونيته أنها قربة وطاعة؟

وفي أقوام يطوفون بصخرة بيت المقدس ويصلون في أماكن مشهورة هناك، مثل مهد عيسى، وقبة المعراج، وقبة السلسلة، وزيارة قبر الخليل، وغير ذلك؟

وما يستحب للزائر وما يحرم عليه من ذلك ونحوه؟

وهل يستحب للنساء أن يزرن في أوقات التعريف مظهرات لزينتهن متطيبات، وهل على أوليائهن منعهن؟ أفتونا مأجورين رحمكم الله ورضي عنكم. [ ص: 414 ]

الجواب: الحمد لله رب العالمين.

أصل السفر إلى بيت المقدس للصلاة فيه، والاعتكاف فيه، وقراءة القرآن والدعاء والذكر ونحو ذلك، هو مستحب مشروع باتفاق المسلمين.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في « الصحيحين» من حديث أبي هريرة وأبي سعيد أنه قال: « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا».

وفي حديث سليمان لما بنى البيت -أي: بيت المقدس- سأل الله ثلاثا، سأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وسأله حكما يوافق حكمه، وسأله أنه لا يأتي أحد هذا البيت لا يريد إلا الصلاة إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه. [ ص: 415 ]

ولهذا كان عبد الله بن عمر يأتي بيت المقدس، فيدخل فيصلي ركعتين، ثم يخرج ولا يشرب فيه; كأنه يطلب دعوة سليمان. وكان لا يأتي الصخرة ولا يزورها.

وكذلك غيره من سلف من الأمة; كعمر بن عبد العزيز والأوزاعي وسفيان وأمثالهم، لم يكونوا يأتون شيئا من تلك المواضع التي تزار في المسجد لا الصخرة ولا غيرها.

ولما فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت المقدس قال لكعب: أين ترى أن أبني مصلى للمسلمين أمام الصخرة أو خلفها؟ قال: خلفها. فقال: يا ابن اليهود خالطتك يهودية، بل أبنيه أمامها، إن لنا صدور المساجد.

ولم يكن على عهد عمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد ومروان على الصخرة هذه [القبة]; لكن بنى تلك القبة عبد الملك بن مروان لما كان بينه وبين ابن الزبير ما كان، وكانوا إذا حجوا بايعوا ابن الزبير، [ ص: 416 ] فيقال: إن عبد الملك [لو] منعهم الحج فضحوا، فبنى القبة على الصخرة، وعظم أمرها، فجعل الناس يعتانون بها.

التالي السابق


الخدمات العلمية