الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النظر الأول في الأركان وهي أربعة :

                                                                                                                الركن الأول : الواهب شرطه أهلية التبرع ، وعدم الحجر ، وفي الكتاب تمنع هبة الأب من مال ابنه الصغير ; لأن الله تعالى منع التصرف إلا بالتي هي أحسن وكل من ولي أمرا لا يتصرف فيه إلا بالتي هي أحسن لقوله - عليه السلام - : [ ص: 224 ] من ولي من أمور الناس شيئا فلم يجتهد لهم ، ولم ينصح فالجنة عليه حرام ، فإن تلف الموهوب بهبته ضمنه ، وإذا تزوجت الجارية ولم تدخل فلا تجوز صدقتها ولا هبتها في ثلث ولا غيره حتى تدخل وتكون رشيدة ، ففي ثلثها ، وليس بعد الدخول حد مؤقت ، وحدها الدخول بأن كانت تصلحه لمالها ، قال ابن يونس : قال ابن عبد الحكم : البكر البالغ عليها ولي يبطل صنيعها في مالها ، وإن لم يول عليها جاز صنيعها من بيع وشراء دون العتق والصدقة والعطية ، وجوز سحنون جميع صنيعها ما لم يول عليها ; لأن البلوغ مظنة الرشد ، قال مالك : إذا تصدقت البكر على أبويها ثم تزوجت ودخلت لها ردها ; لأن تصرفها غير نافذ ، قال ابن نافع : ولو أقامت بعد البناء سنين فقالت : ما علمت أنه لا يلزمني لها الرد ; لأن مثل هذا مما يجهله النساء وتحلف ، قال مطرف : ولو أجاز الزوج ما صنعت قبل الدخول لم يجزئ ; لأن الحجر لعدم الأهلية لا لحقه ، وإن ماتت البكر ولم ترد ، أو لم تعلم لورثتها الرد ما لم تجزه بعد الرشد ، أو تتركه رضي ، ولو مات العبد الذي أعتقت لم يورث إلا بالرق ولا يورث حرا لبطلان العتق .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا وهب الذمي للذمي فلم يدفعها له حتى بدا له ذلك لعدم الحوز ، وقد قيل ذلك للمسلم فكيف الذمي ، قال ابن يونس : قال ابن القاسم إن [ ص: 225 ] كان أحدهما مسلما قضى بدفعها تغليبا لحكم الإسلام ، وضعف أشهب صدقة الذمي ، وإن كانت على مسلم إن كان من أهل العنوة ، قال صاحب التنبيهات : قوله في الذمي لا يحكم عليه ، قيل معناه إذا لم يترافعوا إلينا ، ولو تراضوا لحكمنا بحكم الإسلام ، وقيل وإن ترافعوا قياسا على العتق وليس من باب التظالم .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : الحرة محجور عليها إذا تزوجت فيما يزيد على الثلث لقوله : تنكح المرأة لأربع ؛ لدينها ونسبها ومالها وجمالها ، فعليك بذات الدين تربت يداك . وجوز لها الثلث كالمريض ولو تصدقت بثلث ، ثم بثلث الباقي وبعد ما بين الصدقتين أمضاه محمد نظرا للبعد ، فكأن الباقي مال لم يتصدق منه ، وقال عبد الوهاب : ليس لها بعد ذلك في ذلك المال عطية إلا أن تفيد مالا آخر ، قال وهو أحسن ، فإن قرب ما بينهما نحو اليومين بطل الجميع ; لأنهما كالعقد الواحد ونصف سنة مضى الجميع ، أو نحو الشهر مضى الأول فقط ؛ قاله أصبغ ، قال : وأرى أن يمضي الأول ، وإن قرب الثاني ; لأنه في أمر الثاني على شك ؛ هل هو رأي حدث ، أو كانت معتقدته أولا ، مع أن الصواب في العطية الواحدة إذا جاوزت الثلث رد الزائد إلا أن تفيد مالا ، ولو قيل لها أن تعطي جميع الفائدة صح ; لأن الفائدة لم تخطر ببال الزوج عند العقد ولا زاد في الصداق لأجله وقد يكون له مقال إذا كان ذلك ميراثا عن أبيها وزاد في الصداق ليسار أبيها فإن تحملت حمالة بأكثر من الثلث منع ; لأنه هبة وجوزه عبد الملك بعدم تعين البلوغ لا سيما إذا كان المضمون موسرا فإن لزمها الصوم لعدم النضوض ، أو لغيرته [ ص: 226 ] رجعت متى تيسر الأخذ ، فإن كان فقيرا جاز من الثلث وسقط الزائد .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال الأبهري : قال مالك إذا تصدق المريض ثم صح لا رجوع له ; لأن الحجر لقيام المانع وقد ذهب ، لا لعدم الأهلية بخلاف غير البالغ .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية