الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا مسعدة بن سعد ، ثنا إبراهيم بن المنذر ، ثنا إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري ، عن أبيه ، عن ابن شهاب ، قال : دخلت على عبيد الله بن عبد الله بن عتبة منزله فإذا هو يغتاظ وينفخ ، فقلت : ما لي أراك مغتاظا ؟ قال : دخلت على أميركم آنفا ، يعني عمر بن عبد العزيز ، ومعه عبد الله بن عمرو بن عثمان ، فسلمت عليهما فلم يردا علي السلام ، فقلت :


              ولا تعجبا أن تؤتيا فتكلمـا فما خشي الأقوام شرا من الكبر     وجنس تراب الأرض منه خلقتما
              وفيها المعاد والمصير إلى الحشر



              فقلت له : يرحمك الله ، مثلك في فقهك وفضلك وسنك يقول الشعر ؟ قال :إن المضرور إذا نفث برئ .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا عبد الله بن محمد الأموي ، حدثني عيسى بن عبد الله التميمي ، قال : حدثني شيخ من أهل العلم ، قال : جاء رجل إلى الزهري ، فقال : حدثني ، فقال : إنك لا تعرف اللغة ، قال : فلعلي أعرفها ، قال : فما تقول في قول الشاعر :


              صريع ندامى يرفع الشرب رأسه     وقد مات منه كل عضو ومفصل



              ما المفصل ؟ قال : اللسان ، قال : اغد علي أحدثك .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا عبد الله بن محمد الأموي ، ثنا إبراهيم بن المنذر الخزامي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري ، عن أبيه ، قال : سمعت الزهري يتمثل :


              ذهب الشباب فما يعود جمـانـا     وكأن ما قد كان لم يك كـانـا
              وطويت كفا يا جمان على الغضا     وكفى جمان بطيها حدثـانـا



              حدثنا أحمد بن جعفر بن سلام ، ثنا أحمد بن علي ، ثنا أبو غسان محمد بن عمرو ، ثنا جرير ، عن أبي مهدي ، قال : صليت خلف الزهري شهرا فكان يقرأ في صلاة الفجر : تبارك الذي بيده الملك ، وقل هو الله أحد .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا [ ص: 371 ] المفضل بن فضالة ، عن عقيل بن خالد ، قال : رأيت على ابن شهاب خاتما نقشه : محمد يسأل الله العافية .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، ثنا محمد بن قدامة ، قال : سمعت معنا القزاز يقول لابن أخي الزهري : هل كان الزهري يتطيب ؟ قال : كنت أشم ريح المسك من سوط دابة الزهري .

              حدثنا مخلد بن جعفر ، ثنا إبراهيم بن هاشم ، ثنا محمد بن عباد ، وحدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا أبو العباس السراج ، ثنا أبو معمر عبد الجبار ، قالوا : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : ما رأيت أحدا أهون عليه الدينار والدرهم من ابن شهاب ، وما كانت عنده إلا مثل البعرة .

              حدثنا الحسن بن علان ، ثنا الهيثم بن خلف ، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، ثنا إسحاق بن عيسى الطباع ، عن مالك بن أنس ، قال : قال الزهري : وجدنا السخي لا تنفعه التجارة .

              حدثنا أحمد بن محمد ، ثنا أحمد بن موسى ، ثنا سهل بن يحيى ، ثنا عبد الله بن رشيد ، ثنا أبو عبيدة ، عن أبي يحيى ، عن الزهري : قال : استكثروا من شيء لا تمسه النار ، قيل : وما هو ؟ قال :المعروف .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن زكريا ، ثنا محمد بن عبد الرحمن التيمي ، عن أبيه ، قال : امتدح رجل الزهري فأعطاه قميصه ، فقيل له : أتعطي على كلام الشيطان ؟ فقال : إن من ابتغى الخير اتقى الشر .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة - عرضا عليه - عن سفيان : سئل الزهري عن الزهد ، فقال : من لم يمنعه الحلال شكره ، ولم يغلب الحرام صبره .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا أبو العباس السراج ، ثنا محمد بن الصباح ، ثنا سفيان ، قال : قالوا للزهري : لو أنك الآن في آخر عمرك أقمت في المدينة فغدوت إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحت ، وجلست إلى عمود من أعمدته فذكرت الناس وعلمتهم ، فقال : لو أني فعلت ذلك لوطئ عقبي ، ولا ينبغي ذلك حتى أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة .

              [ ص: 372 ] حدثنا محمد بن جعفر بن سلام ، ثنا أحمد بن علي بن جعفر الأبار ، ثنا أبو أيوب الوزان ، ثنا عبيد بن جناد ، قال : سمعت العمريين عبد الله وعبد الله ، قالا : كان ابن شهاب يحدث أنه هلك في جبال بيت المقدس بضعة وعشرون نبيا ماتوا من الجوع والقمل ، كانوا لا يأكلون إلا ما عرفوا ، ولا يلبسون إلا ما عرفوا .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية