الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          باب الحاء والفاء وما يثلثهما

                                                          ( حفل ) الحاء والفاء واللام أصل واحد ، وهو الجمع . يقال حفل الناس واحتفلوا ، إذا اجتمعوا في مجلسهم . والمجلس محفل . والمحفلة : الشاة [ ص: 82 ] قد حفلت ; أي جمع اللبن في ضرعها . ونهي عن التصرية والتحفيل . ويقال لا تحفل به ، أي لا تباله ; وهو من الأصل ، أي لا تتجمع . وذلك أن من عراه أمر تجمع له .

                                                          فأما قولهم لحطام التبن حفالة فليس من الباب ، إنما هو من باب الإبدال ; لأن الأصل حثالة ، فأبدلت الثاء فاء .

                                                          ومن الباب رجل ذو حفلة ، إذا كان مبالغا فيما أخذ فيه ، وذلك أنه يتجمع له رأيا وفعلا . وقد احتفل لهم ، إذا أحسن القيام بأمرهم . ويقال احتفل الوادي بالسيل . فأما قولهم تحفل ، إذا تزين ، فهو من ذلك أيضا لأنه يجمع لنفسه المحاسن .

                                                          فأما قولهم حفلت الشيء ، إذا جلوته ، فمن الباب ، والقياس صحيح ; وذلك أنه يجمع ضوءه ونوره بما ينفيه من صدئه . قال بشر :


                                                          رأى درة بيضاء يحفل لونها سخام كغربان البرير مقصب

                                                          والمقصب المجعد . وأراد بالدرة امرأة . يحفل لونها [ سخام ] ، يعني الشعر يزيدها بسواده بياضا ، وهذا كأنه جلاها ، وهو من الكلام الحسن جدا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية