الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 185 ] فصل

                                                                                                                                                                        إذا اشتبه عليه وقت صلاة لغيم ، أو حبس في مظلم ، أو غيرهما ، اجتهد فيه ، واستدل بالدرس والأعمال والأوراد وشبهها . ومن الأمارات صياح الديك المجرب إصابة صياحه الوقت .

                                                                                                                                                                        وكذا أذان المؤذنين في يوم الغيم إذا كثروا ، وغلب على الظن - لكثرتهم - أنهم لا يخطئون . والأعمى يجتهد في الوقت كالبصير . وإنما يجتهدان ، إذا لم يخبرهما ثقة بدخول الوقت عن مشاهدة . فلو قال : رأيت الفجر طالعا ، أو الشفق غاربا ، لم يجز الاجتهاد ، ووجب قبول قوله .

                                                                                                                                                                        فإن أخبر عن اجتهاد ، لم يجز للبصير القادر على الاجتهاد تقليده ، ويجوز للأعمى على الأصح . والمؤذن الثقة العالم بالمواقيت في يوم الصحو كالمخبر عن مشاهدة وفي الغيم كالمجتهد .

                                                                                                                                                                        وحكى في ( التهذيب ) وجهين في تقليد المؤذن ، من غير فرق بين البصير والأعمى . وقال الأصح الجواز . وذهب إليه ابن سريج . والتفصيل المتقدم أقرب واختاره الروياني وغيره .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح ، ما صححه صاحب ( التهذيب ) . وقد نقله عن نص الشافعي ، وبه قال الشيخ أبو حامد . وصححه البندنيجي وصاحب ( العدة ) وغيرهم . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وحيث لزم الاجتهاد فصلى بلا اجتهاد وجبت الإعادة وإن صادف الوقت . وإذا لم تكن دلالة ، أو كانت فلم يغلب على ظنه شيء ، صبر إلى أن يغلب على قلبه دخول الوقت . والاحتياط : أن يؤخر إلى أن يغلب على ظنه أنه لو أخر خرج الوقت ، وإذا قدر على الصبر إلى استيقان دخول الوقت ، جاز الاجتهاد على الصحيح كالأواني .

                                                                                                                                                                        [ ص: 186 ] قلت : لو علم المنجم دخول الوقت بالحساب . حكى صاحب ( البيان ) أن المذهب أنه يعمل به بنفسه ولا يعمل به غيره . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        حيث جاز الاجتهاد فصلى به إن لم يتبين الحال فلا شيء عليه . وإن بان وقوع صلاته في الوقت أو بعده ، فلا قضاء عليه . لكن الواقعة بعده قضاء على الأصح . فلو كان مسافرا وقصرها وجب إعادتها تامة . إذا قلنا : لا يجوز قصر القضاء . وإن بان وقوعها قبل الوقت وأدركه وجبت الإعادة ، وإلا فقولان :

                                                                                                                                                                        المشهور وجوبها ومثل هذا الخلاف والتفصيل يجري فيمن اشتبه عليه شهر رمضان .

                                                                                                                                                                        قلت : قال أصحابنا : لو أخبره ثقة أن صلاته وقعت قبل الوقت ، إن أخبره عن علم ومشاهدة وجبت الإعادة ، وإن أخبره عن اجتهاد فلا . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية