الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1150 ) مسألة : قال : ( وصاحب البيت أحق بالإمامة إلا أن يكون بعضهم ذا سلطان ) . وجملته أن الجماعة إذا أقيمت في بيت ، فصاحبه أولى بالإمامة من غيره ، وإن كان فيه من هو أقرأ منه وأفقه ، إذا كان ممن يمكنه إمامتهم ، وتصح صلاتهم وراءه ، فعل ذلك ابن مسعود ، وأبو ذر ، وحذيفة ، وقد ذكرنا حديثهم ، وبه قال عطاء ، والشافعي . ولا نعلم فيه خلافا ، والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم : { : ولا يؤمن الرجل في بيته ، ولا في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه } . رواه مسلم وغيره . وروى مالك بن الحويرث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم { : من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم } . رواه أبو داود .

                                                                                                                                            وإن كان في البيت ذو سلطان فهو أحق من صاحب البيت ; لأن ولايته على البيت وعلى صاحبه وغيره ، وقد أم النبي صلى الله عليه وسلم عتبان بن مالك وأنسا في بيوتهما .

                                                                                                                                            ( 1151 ) فصل : وإمام المسجد الراتب أولى من غيره ; لأنه في معنى صاحب البيت والسلطان ، وقد روي عن ابن عمر أنه أتى أرضا له ، وعندها مسجد يصلي فيه مولى لابن عمر ، فصلى معهم ، فسألوه أن يصلي بهم ، فأبى ، وقال : صاحب المسجد أحق . ولأنه داخل في قوله : { من زار قوما فلا يؤمهم . }

                                                                                                                                            ( 1152 ) فصل : وإذا أذن المستحق من هؤلاء لرجل في الإمامة ، جاز وصار بمنزلة من أذن في استحقاق التقدم ، لقول النبي : صلى الله عليه وسلم " إلا بإذنه " . ولأن الإمامة حق له فله نقلها إلى من شاء ، قال أحمد : قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يؤم الرجل في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه } . أرجو أن يكون الإذن في الكل ، ولم ير بأسا إذا أذن له أن يصلي .

                                                                                                                                            ( 1153 ) فصل : وإن دخل السلطان بلدا له فيه خليفة فهو أحق من خليفته ، لأن ولايته على خليفته وغيره ولو اجتمع العبد وسيده في بيت العبد فالسيد أولى ، لأنه المالك على الحقيقة ، وولايته على العبد ، وإن لم يكن سيده معهم فالعبد أولى ; لأنه صاحب البيت ، ولذلك لما اجتمع ابن مسعود وحذيفة وأبو ذر في بيت أبي سعيد مولى أبي أسيد وهو عبد ، تقدم أبو ذر ليصلي بهم ، فقالوا له : وراءك . فالتفت إلى أصحابه ، فقال : أكذلك ؟ قالوا : نعم . فتأخر ، وقدموا أبا سعيد ، فصلى بهم وإن اجتمع المؤجر والمستأجر في الدار المؤجرة ، فالمستأجر أولى ; لأنه أحق بالسكنى والمنفعة .

                                                                                                                                            ( 1154 ) فصل : والمقيم أولى من المسافر لأنه إذا كان إماما حصلت له الصلاة كلها في جماعة ، وإن أمه المسافر احتاج إلى إتمام الصلاة منفردا . وإن ائتم بالمسافر جاز ، ويتم الصلاة بعد سلام إمامه . فإن أتم المسافر الصلاة جازت صلاتهم . وحكي عن أحمد في صلاة المقيمين رواية أخرى أنها لا تجوز ; لأن الزيادة نفل أم بها مفترضين . والصحيح الأول ; لأن المسافر إذا نوى إتمام الصلاة أو لم ينو القصر ، لزمه الإتمام ، فيصير الجميع فرضا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية