الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 52 ] الوجه التاسع أن العلم بوجود صفات مشتركة ومختصة حق ; لكن التمييز بين تلك الصفات بجعل بعضها ذاتيا تتقوم منه حقيقة المحدود وبعضها لازما لحقيقة المحدود : تفريق باطل بل جميع الصفات الملازمة للمحدود - طردا وعكسا - هي جنس واحد . فلا فرق بين الفصل والخاصة ولا بين الجنس والعرض العام .

                وذلك أن الحقيقة المركبة من تلك الصفات : إما أن يعنى بها الخارجة أو الذهنية أو شيء ثالث . فإن عني بها الخارجة : فالنطق والضحك في الإنسان حقيقتان لازمتان يختصان به . وإن عني الحقيقة التي في الذهن : فالذهن يعقل اختصاص هاتين الصفتين به دون غيره .

                وإن قيل : بل إحدى الصفتين يتوقف عقل الحقيقة عليها فلا يعقل الإنسان في الذهن حتى يفهم النطق ; وأما الضحك فهو تابع لفهم الإنسان . وهذا معنى قولهم " الذاتي ما لا يتصور فهم الحقيقة بدون فهمه أو ما تقف الحقيقة في الذهن والخارج عليه " .

                [ ص: 53 ] قيل : إدراك الذهن أمر نسبي إضافي . فإن كون الذهن لا يفهم هذا إلا بعد هذا : أمر يتعلق بنفس إدراك الذهن ليس هو شيئا ثابتا للموصوف في نفسه . فلا بد أن يكون الفرق بين الذاتي والعرضي بوصف ثابت في نفس الأمر سواء حصل الإدراك له أو لم يحصل إن كان أحدهما جزءا للحقيقة دون الآخر وإلا فلا .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية