الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن تزوج على شوار بيت، أو بنائها ، أو على عبد، أو على أمة بغير صفة

                                                                                                                                                                                        واختلف في النكاح على شوار بيت; فأجازه مالك ، وحملها على العادة . قال: فإن كانوا في أهل الحاضرة، فشورة مثلها في الحضر. وإن كانا من أهل البادية فشورة مثلها في البادية، وإن تزوجها على بيت، لم يجز بخلاف الشوار; لأنها لا تدري موضعها من البلد. وكذلك إذا قال: على أن أبني لك بيتا، لم يجز، إلا أن يسم الموضع، ويكون في ملكه فيجوز، ثم يحملان في صفة البناء على عادة أمثالهما وإن تزوجت على بيت موصوف في الذمة لم يجز إذا لم يذكر الموضع، ويكون الموضع في ملكه. وإن كان بيتا معينا في ملكه، جاز، وإن لم يكن في ملكه، لم يجز. وإن تزوج على عبد، أو أمة جاز، وإن لم يوصف. ولها الوسط في الجودة والسن .

                                                                                                                                                                                        وأما الجنس، فعلى حسب البلد من الحمران والسودان، فإن كانت العادة الصنفين جميعا، فنصف من هذا، ونصف من هذا . [ ص: 1920 ]

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن عبد الحكم : لا يجوز النكاح على شوار بيت، ولا على خادم بغير صفة، ويفسخ قبل، ويثبت بعد، ولها صداق المثل . وقول مالك أبين; لأن القصد المكارمة، بخلاف البيع. وإن تزوجها على عبد بعينه في ملكه، ولم يصفه، لم يجز; لأنها لا تدري هل هو وسط أو جيد أو رديء؟ ولو كان ذلك في خلع، جاز، والغرر في الخلع أوسع منه في النكاح.

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب محمد ، فيمن تزوج على عبد، ولم يوصف، ثم طلق قبل البناء: يكون لها نصف قيمة عبد وسط، يوم تزوجت .

                                                                                                                                                                                        وليس هذا بحسن. وأرى أن يأتي بعبد على الصفة التي كانت تستحق لو لم يقع الطلاق، فيكون شركة بينهما، وليس العبد كالدينار، يكون دينا فيهب نصفه، أنه يقضى له بنصف قيمته دراهم; لأن الدنانير لا تختلف فيها الأغراض، ولو أحضره الغريم ثم دعا إلى المفاضلة فيه لبيع، ولم يحصل للطالب إلا الثمن الذي أحضره الغريم.

                                                                                                                                                                                        والعبد تختلف فيه الأغراض ويصح إن أحضره أن يتزايد فيه، ولا يخرج أحدهما منه لصاحبه، إلا بأكثر من قيمته. ولو سلم أن للزوج أن يدفع القيمة، لم يحسن أن يقال: القيمة يوم النكاح; لأن الذي في الذمة، عبد إلى يوم الطلب، فلها قيمته يوم الحكم، كما قيل في الدينار له صرفه يوم القضاء، ولو أحضر العبد ليكون لها نصفه، لجبرت على قبوله; لأن القيمة تخفيف عن الزوج، [ ص: 1921 ] وإنما حقها في عبد.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في العتبية: إن شرطت رأسا بخمسين، فغلا الرقيق أو رخص ، فإن كان وصفه، وكان ذكر الخمسين عبارة عن الصفة; فلها الصفة ، غلت أو رخصت ، إن كان ذكر الخمسين لا يقصد بها الصفة إلا تزيينا ; فعليه الشراء بخمسين في الغلاء والرخص .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانوا يسمون الأكثر على وجه التجمل، فقيل: عليه أن يشتري بذلك الثمن. وقال أصبغ في كتاب ابن حبيب : إذا سمى الرداء بعشرين دينارا، أو الخمار، أو الدرع بكذا، مما يراد به السمعة، يعطي وسطا من ذلك، ولا يعطي الثمن الذي سمى . [ ص: 1922 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية