الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في صداق من زوج ابنه صغيرا أو كبيرا سفيها]

                                                                                                                                                                                        وإن زوج الأب ابنه، وهو صغير، أو كبير سفيه، كان في الصداق على ثلاثة أوجه: إما أن يشترطه على نفسه، أو على ولده، أو يطلق العقد، ولا يشترطه والولد صغير أو كبير، موسر أو معسر، فإن اشترطه على نفسه، لم يؤخذ به الابن، موسرا كان أو معسرا، صغيرا كان أو كبيرا; لأن ذلك من الأب على وجه الحمل، وسواء قال: أنا أحمله أو أضمنه; لأن العادة في ضمان الأب لذلك أنه على وجه الحمل. وإن اشترطه على الابن، أو أطلق العقد، والابن موسر، كان على الابن. وإن كان معسرا وأطلق العقد كان على الأب. قال مالك : يؤخذ به في حياته، ومن رأس ماله بعد وفاته.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا اشترطه على الابن، وهو معسر، فقال ابن القاسم : يكون على الأب . وقال أصبغ : يكون على الابن كما شرط بمنزلة ما لو اشترى له سلعة باسمه، وكتب الثمن عليه قال: وإنما يلزم الأب إذا زوجه مبهما ، ولم يسم على أحد والابن عديم. وقال محمد : هو على الأب إلا أن يقول: لست منه في شيء، وهو لكم على ابني، فهذا إن علم به الابن بعد البلوغ، وقبل البناء، كان بالخيار، بين أن يلزمه نفسه، وأن لا يلزمه. وإن بنى قبل أن يعلم; [ ص: 1933 ] لزمه وسقط عنه ما جاوز صداق المثل .

                                                                                                                                                                                        وأرى أن تكون الزوجة قبل بلوغ الزوج بالخيار، بين أن تقيم على ذلك، أو ترد النكاح; لأن عليها في البقاء على أن الزوج بالخيار ضررا .

                                                                                                                                                                                        وإن كان الابن بالغا رشيدا، فزوجه الأب برضاه، ولم يشترط الصداق على نفسه، ولا على الأب، وقال الأب: إنما أردت أن يكون على الابن. وقال الابن: إنما ظننت أن ذلك على أبي، فلا أغرم شيئا.

                                                                                                                                                                                        قال مالك : يفسخ النكاح ولا شيء على واحد منهما.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد : بعد أن يحلف الأب والابن، فمن نكل منهما لزمه.

                                                                                                                                                                                        وأرى إن نكلا ; أن يثبت النكاح، ويغرم كل واحد منهما نصف الصداق، وإن لم ينظر في ذلك حتى دخل، حلف الأب وبرئ، فإن كان صداق مثلها مثل المسمى فأكثر، غرمه الزوج بغير يمين، وإن كان المسمى أكثر حلف وغرم صداق المثل. وإن كتبه الأب باسم الابن وهو موسر، وقال أنا ضامن لك كانت حمالة. وإن حمل الأب الصداق، ثم طلق الابن قبل الدخول، رجع نصف الصداق إلى الأب.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا خالع الابن على رد جميع الصداق. فقال ابن القاسم في كتاب ابن حبيب : جميع الصداق للأب. وقال ابن الماجشون : للأب النصف وللابن النصف. والأول أصوب; لأن قصد الأب بحمل الصداق عن [ ص: 1934 ] ابنه، أن يراه ذا زوجة، وليحفظ عليه دينه، وإذا لم يتم ذلك، عاد إليه الصداق، ولهذا قالوا إنه إذا طلق، عاد إلى الأب النصف، فالوجه الذي رجع به إليه النصف، يرجع به الجميع. وقال مالك في الرجل الشريف ، يزوج الرجل ويضمن عنه الصداق: لا يتبع المضمون عنه بشيء .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية