الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        باب الإحرام ( وإذا أراد الإحرام اغتسل أو توضأ والغسل أفضل ) لما روي أنه عليه الصلاة والسلام [ ص: 90 ] اغتسل لإحرامه إلا أنه للتنظيف حتى تؤمر به الحائض ، وإن لم يقع فرضا عنها ، فيقوم الوضوء مقامه كما في الجمعة ، لكن الغسل أفضل ; لأن معنى النظافة فيه أتم ، ولأنه عليه الصلاة والسلام اختاره . [ ص: 91 ] قال : ( ولبس ثوبين جديدين أو غسيلين إزارا ورداء ) لأنه عليه السلام ائتزر وارتدى عند إحرامه ولأنه ممنوع عن لبس المخيط ، ولا بد من ستر العورة ودفع الحر والبرد وذلك فيما عيناه ، والجديد أفضل لأنه أقرب إلى الطهارة . [ ص: 92 ] قال : ( ومس طيبا إن كان له ) وعن محمد رحمه الله : أنه يكره إذا تطيب بما تبقى عينه بعد الإحرام ، وهو قول مالك والشافعي رحمهما اللهلأنه منتفع بالطيب بعد الإحرام ، ووجه المشهور حديث { عائشة رضي الله عنهاقالت : كنت أطيب رسول الله عليه الصلاة والسلام لإحرامه قبل أن يحرم } ، والممنوع عنه التطيب بعد الإحرام ، والباقي كالتابع له لاتصاله به بخلاف الثوب لأنه مباين عنه .

                                                                                                        [ ص: 93 - 95 ] قال : ( وصلى ركعتين ) لما روى جابر رضي الله عنه أن { النبي عليه الصلاة والسلام صلى بذي الحليفة ركعتين عند إحرامه . قال : وقال : اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني }لأن أداءه في أزمنة متفرقة وأماكن متباينة ، فلا يعرى عن المشقة عادة فيسأل التيسير ، وفي الصلاة لم يذكر مثل هذا الدعاء لأن مدتها يسيرة وأداؤها عادة متيسر . قال : ( ثم يلبي عقيب صلاته ) لما روي أن { النبي عليه الصلاة والسلام لبى [ ص: 96 ] في دبر صلاته } ، وإن لبى بعد ما استوت به راحلته جاز ، ولكن الأول أفضل لما روينا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        باب الإحرام

                                                                                                        الحديث الأول : روي { أنه عليه السلام اغتسل لإحرامه } ، قلت : أخرجه الترمذي عن عبد الله بن يعقوب المدني عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه زيد بن ثابت أنه رأى { النبي عليه السلام تجرد لإهلاله واغتسل }انتهى .

                                                                                                        وقال : [ ص: 90 ] حديث حسن غريب ، وأخرجه الطبراني في " معجمه " ، والدارقطني في " سننه " عن محمد بن موسى بن مسكين أبي غزية المديني القاضي حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه به ، ولفظهما : اغتسل لإحرامه ، ورواه العقيلي بسند الدارقطني ، وأعله بأبي غزية ، قال : عنده مناكير ، ولا يتابع عليه إلا من طريق فيها ضعف ، انتهى .

                                                                                                        قال ابن القطان في " كتابه " : وإنما حسنه الترمذي ، ولم يصححه للاختلاف في عبد الرحمن بن أبي الزناد ، والراوي عنه عبد الله بن يعقوب المدني ، أجهدت نفسي في معرفته فلم أجد أحدا ذكره انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه الطبراني في " معجمه الأوسط " حدثنا عيسى بن محمد السمسار الواسطي ثنا محمد بن عمرويه الهروي ثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي ثنا خالد بن إلياس عن صالح بن أبي حسان عن عبد الملك بن مروان عن عائشة { أن النبي عليه السلام كان إذا خرج إلى مكة اغتسل حين يريد أن يحرم } ، انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الحاكم في " المستدرك " عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن أبيه عن ابن عباس ، قال : { اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه ، فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين ، ثم قعد على بعيره ، فلما استوى به على البيداء أحرم بالحج }انتهى . وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه يعقوب بن عطاء ممن جمع أئمة الإسلام حديثه انتهى .

                                                                                                        أحاديث الباب : أخرج مسلم في " صحيحه " عن القاسم عن عائشة ، قال : { نفست [ ص: 91 ] أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن تغتسل وتهل }انتهى .

                                                                                                        وفي حديث جابر الطويل أيضا فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة ، وأخرجه أيضا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حديث { أسماء بنت عميس حين نفست بذي الحليفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر ، فأمرها أن تغتسل وتهل }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا سهل بن يوسف عن حميد عن بكر بن عبد الله المزني عن ابن عمر ، قال : من السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم ، انتهى .

                                                                                                        ورواه البزار في " مسنده " ، والدارقطني في " سننه " ، والحاكم في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه انتهى .

                                                                                                        الحديث الثاني : روي { أنه عليه السلام اتزر ، وارتدى عند إحرامه } ، قلت : أخرجه البخاري في " صحيحه " عن كريب عن ابن عباس ، قال : { انطلق النبي عليه السلام من المدينة بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه ، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس ، إلا المزعفرة التي تردع على الجلد ، فأصبح بذي الحليفة ، ركب راحلته حتى استوى على البيداء ، أهل هو وأصحابه وقلد بدنته ، وذلك لخمس بقين من ذي القعدة ، وقدم مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة ، فطاف بالبيت }.

                                                                                                        الحديث الثالث : عن { عائشة ، قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن [ ص: 92 ] يحرم } ، قلت : أخرجه البخاري ، ومسلم عن الأسود { عن عائشة أنها قالت : كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم } ، وفي لفظ لهما : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم ، وفي لفظ لمسلم : كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبي ، وفي لفظ لهما : قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد ، ثم أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك } ، انتهى .

                                                                                                        وأخرجا عن محمد بن المنتشر ، قال : { سألت عبد الله بن عمر عن رجل يتطيب ، ثم يصبح محرما ، فقال : ما أحب أن أصبح محرما أنضح طيبا ، لأن أطلي بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك ، فدخلت على عائشة ، وأخبرتها بقوله . فقالت : أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطاف في نسائه ، ثم أصبح محرما } ، وفي لفظ لهما : قالت : { كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ، ثم يصبح محرما ، ينضح طيبا } ، انتهى .

                                                                                                        [ ص: 93 ] { حديث آخر } : أخرجه أبو داود في " سننه " عن عائشة بنت طلحة أن عائشة أم المؤمنين حدثتها . قالت : { كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة ، فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند الإحرام ، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها ، فيراه النبي عليه السلام ، فلا ينهانا }انتهى .

                                                                                                        أحاديث الخصوم : أخرج البخاري ، ومسلم عن يعلى بن أمية ، قال : { أتى النبي عليه السلام رجل متضمخ بطيب ، وعليه جبة ، فقال : يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب ؟ فقال له النبي عليه السلام : أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات ، وأما الجبة فانزعها ، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك } ، زاد البخاري في لفظ معلق : وقال ابن جريج : قلت لعطاء : أراد الإنقاء حين أمره أن يغسله ثلاث مرات ؟ قال : نعم وفي لفظ لهما : { وهو متضمخ بالخلوق ، فقال له : اغسل عنك أثر الخلوق } ، وفي لفظ لمسلم : { وهو مصفر لحيته ورأسه ، فقال له : اغسل عنك الصفرة } ، وفي لفظ للبخاري : { اغسل عنك أثر الخلوق ، وأثر الصفرة } ، قال المنذري في " مختصره " بعد ذكره حديث أبي داود المتقدم : فيه دليل على أن للمحرم أن يتطيب قبل إحرامه بطيب يبقى أثره بعد الإحرام ، ولا يضره بقاؤه ، وعليه أكثر الصحابة رضي الله عنهم ، واستدل من منعه بقوله عليه السلام : { اغسل عنك أثر الخلوق } ، وحمل على أنه كان من زعفران ، يدل عليه رواية مسلم ، وهو مصفر لحيته ورأسه ، وقد نهى الرجل عن التزعفر ، وقيل : إنه من خواصه عليه السلام ، وفيه نظر ، فقد رئي ابن عباس محرما وعلى رأسه مثل الرب من الغالية ، وقال مسلم بن صبيح : رأيت ابن الزبير ، وهو محرم ، وفي رأسه ولحيته من الطيب ما لو كان لرجل أعد منه رأس مال انتهى .

                                                                                                        قلت رواية الزعفران عند أحمد في " مسنده " روى حديث يعلى بن أمية ، وقال فيه : { ثم دعاه عليه السلام ، فقال له : اخلع عنك هذه الجبة ، واغسل عنك هذا الزعفران ، ثم [ ص: 94 ] اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك } ، الحديث .

                                                                                                        حديث النهي عن التزعفر : أخرجه البخاري ، ومسلم في " اللباس " عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس { أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن التزعفر }انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ لمسلم : { نهى أن يتزعفر الرجل } ، ويشكل عليه حديث رواه أبو داود في " سننه " حدثنا عبد الرحيم بن مطرف ثنا عمرو بن محمد العنقزي ثنا ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر أن النبي عليه السلام { كان يلبس النعال السبتية ، ويصفر لحيته بالورس والزعفران }انتهى . وصححه ابن القطان في " كتابه " ، وقال : عمرو بن محمد العنقزي ثقة ، وعبد الرحيم أبو سفيان الرواسي أيضا ثقة انتهى .

                                                                                                        وقال الحازمي في " كتاب الناسخ والمنسوخ " : واستدل الطحاوي بحديث عائشة : { كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ، ثم يصبح محرما ينضح طيبا } ، على وجوب غسل الطيب قبل الإحرام ، لأن قوله : فيطوف على نسائه ، مشعر بأنه اغتسل ، ثم رده الحازمي بأنه ليس فيه : أنه أصابهن ، وكان عليه السلام كثيرا ما يطوف على نسائه من غير إصابة ، كما في حديث عائشة : { قل يوم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا ، فيقبل ويلمس دون الوقاع ، فإذا جاء إلى التي هي يومها يبيت عندها }.

                                                                                                        قال : ولو ثبت أنه اغتسل ، فحديث عائشة : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرقه ، وهو محرم ، يدل على بقاء عينه بعد الإحرام ، أو يقول : إنها طيبته مرة ثانية بعد الغسل ، لأن وبيص الشيء بريقه ولمعانه ، ثم نقل عن الشافعي أنه قال : أمر النبي عليه السلام الأعرابي بغسل الطيب منسوخ ، لأنه كان في عام الجعرانة ، وهو سنة ثمان ، وحديث { عائشة : أنها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم }هو ناسخه ، لأنه كان في حجة الوداع ، وهي سنة عشر ، قال الحازمي : وما رواه مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر أن عمر وجد ريح طيب من معاوية وهو محرم ، فقال له عمر : ارجع فاغسله ، فإن عمر لم يبلغه حديث عائشة ، ولو بلغه لرجع إليه ، وإذا لم يبلغه فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع انتهى كلامه . وحديث معاوية هذا رواه البزار في " مسنده " ، وزاد : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { الحاج : الشعث التفل }انتهى . [ ص: 95 ]

                                                                                                        الحديث الرابع : روى جابر { أن النبي عليه السلام صلى بذي الحليفة بركعتين عند إحرامه } ، قلت : غريب عن جابر ، والذي في حديث جابر الطويل أنه صلى في مسجد ذي الحليفة ، ولم يذكر عددا ، ولكن أخرج مسلم في " باب التلبية " عن سالم عن ابن عمر ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين ، ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل بهؤلاء الكلمات } ، الحديث . وأخرج أبو داود في " باب وقت الإحرام " عن ابن إسحاق عن خصيف بن عبد الرحمن الجزري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : { خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا ، فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتين أوجب في مجلسه ، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه } ، مختصر . وسيأتي بتمامه في الحديث الذي بعد هذا ، ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال : صحيح على شرط مسلم انتهى .

                                                                                                        وابن إسحاق ، وخصيف فيهما مقال ، وأخرجه الدارقطني في " سننه " عن يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس ، قال : { اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه ، فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين ، ثم قعد على بعيره ، فلما استوى على البيداء أحرم بالحج } ، انتهى : ويعقوب بن عطاء ضعفه أحمد ، ويحيى بن معين ، قاله الشيخ في " الإمام " .

                                                                                                        الحديث الخامس : روي { أنه عليه السلام لبى في دبر صلاته يعني ركعتي [ ص: 96 ] الإحرام } ، قلت : أخرجه الترمذي ، والنسائي عن عبد السلام بن حرب ثنا خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { أن النبي عليه السلام أهل في دبر الصلاة }انتهى .

                                                                                                        وقال في " الإمام " : وعبد السلام بن حرب أخرج له الشيخان في " صحيحيهما " ، وخصيف بن عبد الرحمن الجزري ضعفه بعضهم انتهى قوله : ولو لبى بعد ما استوت به راحلته جاز ، ولكن الأول أفضل لما روينا ، قلت : يشير إلى الحديث المذكور ، ولكن أحاديث : أنه لبى بعد ما استوت به راحلته واضح ، فأخرج البخاري ، ومسلم عن نافع عن ابن عمر { أن النبي عليه السلام أهل حين استوت به راحلته قائمة } ، وفي لفظ لهما عن سالم عنه : قال : { ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد يعني ذا الحليفة }مختصر ، وفي لفظ لمسلم : قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الغرز وانبعثت به راحلته قائمة أهل من ذي الحليفة }انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ لمسلم عن عبيد بن جريج عن ابن عمر ، قال : { لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته } ، مختصر . وأخرجه البخاري عن محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك ، قال : { صلى النبي عليه السلام بالمدينة أربعا ، وبذي الحليفة ركعتين ، ثم بات حتى أصبح ، فلما ركب راحلته واستوت به أهل }انتهى .

                                                                                                        وأخرج أيضا عن عطاء عن جابر أن { إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة حين استوت به راحلته }انتهى ، وأخرج مسلم عن ابن عباس ، وفيه : { ثم ركب راحلته ، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج } ، مختصر . وفي سنن أبي داود ما يجمع بين هذه الأحاديث ، وحديث : أهل في دبر صلاته أخرجه عن ابن إسحاق عن خصيف عن سعيد بن جبير ، قال : قلت لعبد الله بن عباس : عجبت لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلاله حين أوجب ، فقال : إني لأعلم الناس بذلك ، إنها إنما كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة واحدة ، فمن هناك اختلفوا ، خرج رسول [ ص: 97 ] الله صلى الله عليه وسلم حاجا ، فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه ، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه ، فسمع ذلك منه أقوام ، فحفظته عنه ، ثم ركب ، فلما استقلت به ناقته أهل ، وأدرك هذا أقوام ، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالا ، فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل ، فقالوا : إنما أهل حين استقلت به ناقته ، ثم مضى عليه السلام ، فلما علا شرف البيداء أهل ، وأدرك ذلك أقوام ، فقالوا : إنما أهل حين علا على شرف البيداء ، وأيم الله لقد أوجب في مصلاه ، وأهل حين استقلت به ناقته ، وأهل حين علا على شرف البيداء ، فمن أخذ بقول ابن عباس ، أهل في مصلاه إذا فرغ من ركعتيه انتهى .

                                                                                                        ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، وابن إسحاق فيه مقال ، وكذلك خصيف ، قال ابن حبان في " كتاب الضعفاء " : كان فقيها صالحا ، إلا أنه كان يخطئ كثيرا ، والإنصاف فيه قبول ما وافق فيه الأثبات ، وترك ما لم يتابع عليه ، وأنا أستخير الله في إدخاله في الثقات ، وكذلك احتج به جماعة من أئمتنا ، وتركه آخرون انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية