الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون

                                                                                                                                                                                                لا بد من مضاف محذوف تقديره: ومثل داعي الذين كفروا، كمثل الذي ينعق : أو: ومثل الذين كفروا كبهائم الذي ينعق، والمعنى: ومثل داعيهم إلى الإيمان- في أنهم لا يسمعون من الدعاء إلا جرس النغمة ودوي الصوت، من غير إلقاء أذهان ولا استبصار- كمثل الناعق بالبهائم، التي لا تسمع إلا دعاء الناعق ونداءه الذي هو تصويت بها وزجر [ ص: 357 ] لها، ولا تفقه شيئا آخر ولا تعي، كما يفهم العقلاء ويعون، ويجوز أن يراد بما لا يسمع: الأصم الأصلخ، الذي لا يسمع من كلام الرافع صوته بكلامه إلا النداء والتصويت لا غير، من غير فهم للحروف.

                                                                                                                                                                                                وقيل: معناه: ومثلهم في اتباعهم آباءهم وتقليدهم كمثل البهائم التي لا تسمع إلا ظاهر الصوت ولا تفهم ما تحته; فكذلك هؤلاء يتبعونهم على ظاهر حالهم ولا يفقهون أهم على حق أم باطل؟ وقيل معناه: ومثلهم في دعائهم الأصنام كمثل الناعق بما لا يسمع، إلا أن قوله: إلا دعاء ونداء : لا يساعد عليه; لأن الأصنام لا تسمع شيئا، والنعيق: التصويت، يقال: نعق المؤذن، ونعق الراعي بالضأن، قال الأخطل [من الكامل]:


                                                                                                                                                                                                فانعق بضأنك يا جرير فإنما منتك نفسك في الخلاء ضلالا



                                                                                                                                                                                                وأما "نغق الغراب" فبالغين المعجمة.

                                                                                                                                                                                                "صم" هم صم، وهو رفع على الذم.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية