الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : أن زكريا كان كلما دخل عليها المحراب ، بعد إدخاله إياها المحراب ، وجد عندها رزقا من الله لغذائها .

فقيل إن ذلك الرزق الذي كان يجده زكريا عندها ، فاكهة الشتاء في الصيف ، وفاكهة الصيف في الشتاء . [ ص: 354 ]

ذكر من قال ذلك :

6917 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا الحسن بن عطية ، عن شريك ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " وجد عندها رزقا " قال : وجد عندها عنبا في مكتل في غير حينه .

6918 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن سعيد في قوله : " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا " قال : العنب في غير حينه .

6919 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم في قوله : " وجد عندها رزقا " قال : فاكهة في غير حينها .

6920 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا أبو إسحاق الكوفي ، عن الضحاك : أنه كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف يعني في قوله : " وجد عندها رزقا " .

6921 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك مثله .

6922 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو قال : أخبرنا هشيم ، عن بعض أشياخه ، عن الضحاك مثله .

6923 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : أخبرنا هشيم قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك مثله .

6924 - حدثنا يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا من سمع الحكم بن عتيبة يحدث ، عن مجاهد قال : كان يجد عندها العنب في غير حينه .

6925 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، [ ص: 355 ] عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " وجد عندها رزقا " قال : عنبا وجده زكريا عند مريم في غير زمانه .

6926 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه .

6927 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي قال : حدثنا النضر بن عربي ، عن مجاهد في قوله : " وجد عندها رزقا " قال : فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف .

6928 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا " قال : كنا نحدث أنها كانت تؤتى بفاكهة الشتاء في الصيف ، وفاكهة الصيف في الشتاء .

6929 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : " وجد عندها رزقا " قال : وجد عندها ثمرة في غير زمانها .

6930 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قال : جعل زكريا دونها عليها سبعة أبواب ، فكان يدخل عليها فيجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف ، وفاكهة الصيف في الشتاء .

6931 - حدثني موسى [ بن عبد الرحمن ] قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : قال : جعلها زكريا معه في بيت - وهو المحراب - فكان يدخل عليها في الشتاء فيجد عندها فاكهة الصيف ، ويدخل في الصيف فيجد عندها فاكهة الشتاء . [ ص: 356 ]

6932 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " وجد عندها رزقا " قال : كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء .

6933 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا " قال : وجد عندها ثمار الجنة ، فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف .

6934 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : حدثني بعض أهل العلم : أن زكريا كان يجد عندها ثمرة الشتاء في الصيف ، وثمرة الصيف في الشتاء .

6935 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، عن عباد ، عن الحسن قال : كان زكريا إذا دخل عليها - يعني على مريم المحراب - وجد عندها رزقا من السماء ، من الله ، ليس من عند الناس . وقالوا : لو أن زكريا كان يعلم أن ذلك الرزق من عنده ، لم يسألها عنه .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : أن زكريا كان إذا دخل إليها المحراب وجد عندها من الرزق فضلا عما كان يأتيها به ، الذي كان يمونها في تلك الأيام .

ذكر من قال ذلك :

6936 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : حدثني محمد بن إسحاق قال : كفلها بعد هلاك أمها فضمها إلى خالتها أم يحيى ، حتى إذا بلغت أدخلوها الكنيسة لنذر أمها الذي نذرت فيها ، فجعلت تنبت وتزيد . قال : ثم أصابت بني إسرائيل أزمة وهي على ذلك من حالها ، حتى ضعف زكريا عن حملها ، فخرج على بني إسرائيل فقال : يا بني إسرائيل ، أتعلمون والله لقد ضعفت عن [ ص: 357 ] حمل ابنة عمران . فقالوا : ونحن لقد جهدنا وأصابنا من هذه السنة ما أصابكم . فتدافعوها بينهم وهم لا يرون لهم من حملها بدا ، حتى تقارعوا بالأقلام ، فخرج السهم بحملها على رجل من بني إسرائيل نجار يقال له جريج ، قال : فعرفت مريم في وجهه شدة مؤنة ذلك عليه ، فكانت تقول له : يا جريج ، أحسن بالله الظن ؛ فإن الله سيرزقنا . فجعل جريج يرزق بمكانها ، فيأتيها كل يوم من كسبه بما يصلحها ، فإذا أدخله عليها وهي في الكنيسة ، أنماه الله وكثره ، فيدخل عليها زكريا فيرى عندها فضلا من الرزق ، وليس بقدر ما يأتيها به جريج ، فيقول : " يا مريم ، أنى لك هذا " ؟ فتقول : " هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " .

قال أبو جعفر : وأما " المحراب " فهو مقدم كل مجلس ومصلى ، وهو سيد المجالس وأشرفها وأكرمها ، وكذلك هو من المساجد ، ومنه قول عدي بن زيد :


كدمى العاج في المحاريب أو كالبيض في الروض زهره مستنير

[ ص: 358 ]

و " المحاريب " جمع " محراب " وقد يجمع على محارب .

التالي السابق


الخدمات العلمية