الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) في العاقلة وكيفية تحملهم سموا بذلك لعقلهم الإبل بفناء دار المستحق أو لتحملهم عن الجاني العقل أي بالدية أو لمنعهم عنه والعقل المنع ( دية الخطأ وشبه العمد تلزم ) الجاني أولا على الأصح ثم ( العاقلة ) تحملا إجماعا ولا عبرة بمن شذ في الثاني وهذا خارج عن القياس لكن لما كانت الجاهلية تمنع أخذ الثأر بالمثلثة أبدلهم الشارع بتلك النصرة الباطلة المال رفقا بالجاني [ ص: 26 ] في ذينك فقط لكثرتهما من متعاطي الأسلحة مع عذره في الخطأ ولو أقر بأحدهما فكذبته عاقلته وحلفوا على نفي العلم لزمته وحده وهذا وإن قدمه لكنه وطأ به لقوله ( وهم عصبته ) الذين يرثونه بنسب أو ولاء إذا كانوا ذكورا مكلفين بشروطهم الآتية فلا شيء عن غير هؤلاء وإن أيسروا وتضرب على الغائب الأهل حصته فإذا حضر أخذت منه وشرط تحمل العاقلة أن تكون صالحة لولاية النكاح أي ولو بالقوة فدخل الفاسق لتمكنه من إزالة مانعه حالا من حين الفعل إلى الفوات فلو تخلل بين الرمي والإصابة ردة أو إسلام وجبت الدية في ماله ولو حفر قن أو ذمي بئرا عدوانا فعتق هو أو أبوه وانجر ولاؤه لموالي أبيه أو أسلم ثم تردى رجل في البئر ضمنه الحافر في ماله ولو جرح خطأ فارتد فمات المجروح فالأقل من أرش الجرح والدية على عاقلته المسلمين فإن بقي شيء ففي ماله فإن أسلم قبل موت الجريح [ ص: 27 ] لزم عاقلته أرش الجرح والزائد في ماله على المعتمد ( إلا الأصل ) للجاني وإن علا ( والفرع ) له وإن سفل لأنهم أبعاضه فأعطوا حكمه وصح { أنه صلى الله عليه وسلم برأ زوج القاتلة وولدها وأنه برأ الوالد } ( وقيل يعقل ابن هو ابن ابن عمها ) أو معتقها كما يلي نكاحها وردوه بأن البنوة هنا مانعة لما تقرر أنه بعضه والمانع لا أثر لوجود المقتضي معه وثم غير مقتضيه لأن الملحظ ثم دفع العار وهي لا تقتضيه ولا تمنعه فإذا وجد مقتض آخر أثر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 26 ] ( فصل في العاقلة ) . ( قوله يرثونه بنسب أو ولاء ) قد يقال قضية قوله الآتي ، ثم معتق إلخ فولاء . ( قوله فدخل الفاسق لتمكنه إلخ ) قد يقال المرتد متمكن كذلك ( قوله فعتق هو أو أبوه وانجر ولاؤه لموالي أبيه ) هذا الصنيع في الروض ، فقال فعتق أو عتق أبوه وانجر ولاؤه إلى موالي أبيه ا هـ ، وقد يتوهم من هذا الصنيع تصوير المسألة الثانية أي قوله أو عتق أبوه بما إذا استمر هو رقيقا فإن ذلك هو المفهوم من أو في قوله فعتق أو عتق أبوه لكن يمنع من ذلك أن الرقيق لا ولاء عليه حتى يصح قوله انجر ولاؤه لموالي أبيه وأنه لا علة له فلا حاجة لذكره هنا في سياق محترز اشتراط أن تكون صالحة لولاية النكاح من حين الفعل إلى الفوات ولأنه لا مال له حتى يصح قوله ضمنه الحافر في ماله فالوجه جعل المسألة منفصلة عن الأولى وتصويرها بما إذا كان الحافر متولدا من عتيقه ورقيق ، ثم أعتق أبوه ، ثم حصل الهلاك كما صنع في الروضة فإنه ذكر المسألتين متفاصلتين وقدم الثانية هنا وصورها بما ذكر حيث قال منها أي النظائر متولد من عتيقه ورقيق حفر بئرا عدوانا أو أشرع جناحا أو ميزابا فمات به رجل فالدية على موالي الأم فإن أعتق أبوه ، ثم حصل الهلاك فالدية في ماله ، ولو حفر العبد بئرا ، ثم عتق ، ثم تردى فيها شخص أو رمى الصيد فعتق ، ثم أصاب السهم شخصا فلا دية في ماله ا هـ . ( قوله فالأقل ) سكت عما لو تساويا لعدم التفاوت فإن الواجب قدر أحدهما . ( قوله فإن بقي شيء ) أي [ ص: 27 ] من الدية وعبارة الروض وشرحه والباقي من الدية إن كان في ماله فلو قطع يده فعلى عاقلته نصف الدية والباقي في ماله ، ولو قطع يديه ورجليه فعليهم الدية ولا شيء عليه ا هـ .

                                                                                                                              وفي الروضة فأرش الجرح على عاقلة المسلمين والباقي إلى تمام الدية في مال الجاني فإن كان الأرش كالدية أو أكثر بأن قطع يديه ورجليه فقدر الدية وهو الواجب يلزم العاقلة ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في العاقلة ) ( قوله في العاقلة ) إلى قوله واستشكل في النهاية إلا قوله إجماعا إلى لما كانت الجاهلية ( قوله وكيفية تحملهم ) أي وما يتبع ذلك كحكم من مات في أثناء سنة ا هـ ع ش ( قوله لعقلهم ) أي ربطهم ا هـ كردي ( قول المتن دية الخطأ وشبه العمد ) أي في الأطراف ونحوها وكذا في نفس غير القاتل نفسه وكذا الحكومات والغرة أما إذا قتل نفسه فالمشهور أنه لا يجب على العاقلة شيء ا هـ مغني ( قوله ثم العاقلة تحملا ) أي حيث ثبت القتل بالبينة أو بإقرار الجاني وصدقته العاقلة لما يأتي ا هـ ع ش ( قوله في الثاني ) أي شبه العمد ا هـ كردي ( قوله وهذا خارج ) إلى قوله وتضرب على الغائب في المغني

                                                                                                                              ( قوله وهذا ) أي تغريم غير الجاني ا هـ مغني ( قوله لما كانت الجاهلية إلخ ) أي لما كانت القبائل في الجاهلية يقومون بنصرة الجاني منهم ويمنعون أولياء الدم أخذ حقهم منه أبدل الشرع تلك النصرة ببذل المال وخص تحملهم بالخطأ وشبه العمد لأنهما مما يكثر لا سيما في متعاطي الأسلحة فحسنت إعانته لئلا يتضرر بما هو معذور فيه وأجلت الدية رفقا بهم ا هـ نهاية ( قوله بتلك إلخ ) فيه إدخال الباء في حيز الإبدال بالمتروك [ ص: 26 ] وهو خلاف المعروف في اللغة ( قوله في ذينك ) أي في الخطأ وشبه العمد ( قوله ولو أقر إلخ ) عبارة المغني وإنما يلزمهم ذلك إذا كانت بينة بالخطأ أو شبه العمد أو اعترف به فصدقوه وإن كذبوا لم يقبل إقراره عليهم لكن يحلفون على نفي العلم فإذا حلفوا وجب على المقر وهذا حينئذ مستثنى من كلام المصنف ولا يقبل إقراره على بيت المال ا هـ

                                                                                                                              ( قوله وهذا ) أي ما في المتن وقوله وإن قدمه أي في أول كتاب الديات لكنه وطأ به أي ذكره هنا توطئة ا هـ مغني ( قول المتن وهم عصبته ) أي وقت الجناية وعليه فلو سرى الجرح إلى النفس ومات وكانت عاقلته يوم الجرح غيرها يوم السراية فالدية على العاقلة يوم الجناية فليراجع ا هـ ع ش ( قوله بنسب أو ولاء ) قد يقال قضية قوله الآتي ثم معتق إلخ ترك أو ولاء ا هـ سم عبارة الرشيدي ذكر قوله أو ولاء هنا غير مناسب لسياق المتن أولا وآخرا كما يعلم بتتبعه فيما يأتي ومن ثم اقتصر الجلال على قوله بنسب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله الآتية ) أي في المتن ( قوله وتضرب على الغائب ) أي حيث ثبتت الجناية بالبينة أو صدقت العاقلة ومنهم الغائب فلو لم يعلم حال الغائب من تصديق أو تكذيب وقف ما يخصه إلى حضوره ا هـ ع ش ( قوله فدخل الفاسق ) أي بقوله ولو بالقوة ا هـ ع ش ( قوله لتمكنه إلخ ) قد يقال المرتد متمكن كذلك سم على حج أقول وقد يقال خلفه أمر آخر وهو أنه ليس من أهل المناصرة للجاني لاختلاف الدين ا هـ ع ش ( قوله من حين الفعل ) متعلق بقوله أن تكون صالحة ا هـ ع ش ( قوله إلى الفوات ) أي فوات الروح أو الطرف أو المعنى ( قوله وجبت الدية في ماله ) أي الجاني لانتفاء الأهلية قبل الإصابة ا هـ ع ش ( قوله ولو حفر إلخ ) لعله عطف على لو تخلل إلخ فهو من متفرعات الشرط المذكور ( قوله فعتق هو أو أبوه ) أي فعتق هو وأبوه عتيق أو فعتق هو وعتق أيضا أبوه ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله فعتق هو أو أبوه ) قال الشهاب ابن قاسم هذا الصنيع قد يوهم تصوير المسألة الثانية أي قوله أو عتق أبوه بما إذا استمر هو رقيقا فإن ذلك هو المفهوم من أو في قوله فعتق أو عتق أبوه لكن يمنع من ذلك أن الرقيق لا ولاء عليه وأنه لا عاقلة له ولا مال فالوجه جعل المسألة منفصلة عن الأولى وتصويرها بما إذا كان الحافر متولدا بين عتيقة ورقيق ثم عتيق ثم حصل الهلاك كما صنع في الروضة انتهى ملخصا ا هـ رشيدي وسيأتي في شرح فكله على الجاني في الأظهر ما يوافق الروضة مع بسط ( قوله وانجر ولاؤه ) أي الابن بعتق أبيه ( قوله ضمنه الحافر ) أي من القن والذمي لعدم صلاحية عاقلتهما لولاية النكاح وقت الفعل ا هـ ع ش وفيه بالنسبة للقن تأمل إذ لا عاقلة له وقت الفعل أصلا كما مر آنفا إلا أن يرجع النفي للمقيد أيضا ( قوله ولو جرح إلخ ) وإن جرح قن رجلا خطأ فأعتقه سيده فهو اختيار للفداء فيلزمه أي السيد إن مات الأقل من أرش جراحته وقيمته وعلى العتيق باقي الدية ا هـ نهاية ( قوله فالأقل إلخ ) سكت عما لو تساويا لعدم التفاوت فإن الواجب قدر أحدهما سم على حج ع ش ( قوله فإن بقي شيء ففي ماله ) أي الباقي من الدية فيما [ ص: 27 ] إذا كانت أكثر في مال المرتد أما الباقي من أرش الجراحة فيما لو كان أكثر فإنه لا يلزمه وعبارة الروضة والباقي إلى تمام الدية في مال الجاني ا هـ رشيدي عبارة سم قوله فإن بقي شيء أي من الدية بأن كان الأقل أرش الجرح عبارة الروض وشرحه والباقي من الدية إن كان في ماله فلو قطع يده فعلى عاقلته نصف الدية والباقي في ماله ولو قطع يديه ورجليه فعليهم الدية ولا شيء عليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لزم عاقلته أرش الجرح ) لم يعبر هنا بالأقل كما في التي قبلها وكذا لم يعبر بذلك في الروض وأصله وعبارة العباب تقتضي التسوية بين المسألتين وكذا قول الشارح والزائد إلخ فإنه يفيد أن الأرش أقل من الدية وإلا لم يكن ثم زائد وحينئذ فهذه مساوية لما قبلها في وجوب الأقل سم و ع ش ورشيدي ( قوله في ماله إلخ ) أي لحصول بعض السراية في حال الردة فيصير شبهة دارئة للتحمل ومقابل المعتمد أن على عاقلته جميع الدية اعتبارا بالطرفين سم على حج ا هـ ع ش ( قول المتن إلا الأصل ) أي من الأب وإن علا وقوله والفرع أي من ابن وإن سفل ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله لأنهم ) أي آباء الجاني وأبناءه ( قوله برأ زوج القاتلة إلخ ) أي من العقل ا هـ مغني ( قول المتن يعقل ) أي عن المرأة القاتلة ا هـ مغني ( قوله أو معتقها ) إلى قوله واستشكل في المغني إلا قوله ويجاب إلى ولا يتحمل ( قوله أو معتقها ) أي أو هو ابن معتقها ا هـ مغني ( قوله هنا ) أي في تحمل الدية ( قوله أنه ) أي الابن بعضه أي الجاني ( قوله لوجود المقتضي إلخ ) صلة لا أثر ( قوله وثم ) أي في النكاح عطف على قوله هنا ( قوله وهي ) أي البنوة لا تقتضيه أي دفع العار ( قوله آخر ) لا حاجة إليه




                                                                                                                              الخدمات العلمية