الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  وقعة أحد

                                                                  9735 عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري في حديثه ، عن عروة قال : كانت وقعة أحد في شوال على رأس ستة أشهر من وقعة بني النضير قال الزهري ، عن عروة في قوله : وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون إن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد حين غزا أبو سفيان وكفار قريش : إني رأيت كأني لبست درعا حصينة ، فأولتها المدينة ، فاجلسوا في ضيعتكم ، وقاتلوا من ورائها ، وكانت المدينة قد شبكت بالبنيان فهي كالحصن ، فقال رجل ممن لم يشهد بدرا : يا رسول الله اخرج بنا إليهم فلنقاتلهم وقال عبد الله بن أبي ابن سلول : [ ص: 364 ] نعم والله يا نبي الله ما رأيت ، إنا والله ما نزل بنا عدو قط فخرجنا إليه ، فأصاب فينا ، ولا تنينا في المدينة ، وقاتلنا من ورائها إلا هزمنا عدونا ، فكلمه أناس من المسلمين فقالوا : بلى يا رسول الله اخرج بنا إليهم ، فدعا بلأمته فلبسها ، ثم قال : " ما أظن الصرعى إلا ستكثر منكم ومنهم ، إني أرى في النوم منحورة " فأقول : " بقر ، والله بخير " [ فقال ] رجل : يا رسول الله بأبي أنت وأمي فاجلس بنا فقال : " إنه لا ينبغي لنبي إذا [ ص: 365 ] لبس لأمته أن يضعها حتى يلقى الناس ، فهل من رجل يدلنا الطريق على القوم من كثب ؟ " فانطلقت به الأدلاء بين يديه ، حتى إذا كان بالشوط من الجبانة ، انخزل عبد الله بن أبي بثلث الجيش أو قريب من ثلث الجيش ، فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم حتى لقوهم بأحد وصافوهم ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم عهد إلى أصحابه إن هم هزموهم أن لا يدخلوا لهم عسكرا ، ولا يتبعوهم فلما التقوا هزموا ، وعصوا النبي صلى الله عليه وسلم ، وتنازعوا واختلفوا ثم صرفهم الله عنهم ليبتليهم ، كما قال الله ، وأقبل المشركون وعلى خيلهم خالد بن الوليد بن المغيرة فقتل من المسلمين سبعين رجلا ، وأصابهم جراح شديدة ، وكسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم ودمي وجهه ، حتى صاح الشيطان بأعلى صوته ، قتل محمد قال كعب بن مالك : فكنت أول من عرف النبي صلى الله عليه وسلم ، عرفت عينيه من وراء المغفر ، فناديت بصوتي الأعلى : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأشار إلي أن اسكت ، وكف الله المشركين [ ص: 366 ] والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقوف ، فنادى أبو سفيان بعدما مثل ببعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجدعوا ، ومنهم من بقر بطنه ، فقال أبو سفيان : إنكم ستجدون في قتلاكم بعض المثل ، فإن ذلك لم يكن عن ذوي رأينا ولا سادتنا ، ثم قال أبو سفيان : اعل هبل فقال عمر بن الخطاب : الله أعلى وأجل فقال : أنعمت عينا ، قتلى بقتلى بدر فقال عمر : لا يستوي القتلى ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار فقال أبو سفيان : لقد خبنا إذا ، ثم انصرفوا راجعين ، وندب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في طلبهم ، حتى بلغوا قريبا من حمراء الأسد ، وكان فيمن طلبهم يومئذ عبد الله بن مسعود ، وذلك حين قال الله ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) .

                                                                  9736 عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري في حديثه فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ، دعا المسلمين لطلب الكفار ، فاستجابوا فطلبوهم عامة يومهم ، ثم رجع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح الآية " .

                                                                  [ ص: 367 ] ولقد أخبرنا عبد الرزاق : أن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب يومئذ بالسيف سبعين ضربة ، وقاه الله شرها كلها .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية