الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فصل القسم الثالث تداعيا عينا في يد غيرهما فإن ادعاها ) من هي بيده ( لنفسه حلف لكل واحد منهما يمينا ) لأن المدعيين الثاني فوجب أن يحلف لكل واحد منهما يمينا ( فإن نكل عنهما ) أي عن اليمينين ( أخذاها ) أي العين ( منه أو ) أخذا ( بدلها ) منه وهو مثلها إن كانت مثلية ، وقيمتها إن كانت متقومة لأن العين فاتت على أحدهما بتفريطه في الحلف له ( واقترعا ) أي المدعيان ( عليهما ) أي على العين وبدلها لأن المحكوم له بالعين غير معين فوجبت القرعة لتعيينه ( وإن لم يدعها ) أي العين من هي بيده ( لنفسه ولم يقر بها لغيره ولا قامت بينة ) بها لأحدهما ( أقرع بينهما ) كما لو لم تكن بيد أحد لعدم المرجح .

                                                                                                                      ( فمن قرع حلف ) لصاحبه ( وأخذها ) لترجحه بالقرعة ( فإن كان المدعى به عبدا مكلفا فأقر ) العبد بالرق ( لأحدهما فهو ) أي العبد ( له ) أي للمقر له كما لو كان المدعى واحدا وأقر له ( وإن صدقهما ) العبد ( فهو لهما ) عملا بإقراره أنه لهما .

                                                                                                                      ( وإن جحدهما ) وقال إنه حر ( قبل قوله ) لأنها الأصل والرق طارئ ( وإن كان ) المتنازع فيه ( غير مكلف لم يرجح ) أحدهما ( بإقراره له ) لأن قوله غير معتبر كما تقدم ( وإن أقر بها ) أي العين المتنازع فيها ( من هي بيده لأحدهما بعينه ) كأن يقول هي لزيد مثلا ( حلف زيد أنها ) له ( وأخذها ) لأنه لما أقر له بها صاحب اليد صارت العين كأنها في يده فيكون الآخر مدعيا عليه وهو منكر والقول قوله بيمينه ( ويحلف المقر للآخر ) أي للمدعي الآخر إن التمس يمينه لأنه يمكن أن يخاف من اليمين فيقر للآخر ( فإن نكل ) المقر عن اليمين للآخر ( أخذ منه بدلها ) حكما عليه بنكوله ( وإن أخذها ) [ ص: 395 ] أي العين المتنازع فيها ( المقر له فأقام ) المدعي ( الآخر بينة ) أنها له ( أخذها ) لترجحه .

                                                                                                                      ( وللمقر له قيمتها على المقر قاله في الروضة ولم يعرف لغيره ذكره في شرح المنتهى ) وتقدم ما فيه ( وإن أقر ) من بيده العين ( بها لهما ونكل عن التعيين ) بأن لم يزد على قوله هي لهما ( اقتسماها ) لأن مطلق الإضافة يقتضي التسوية ( وإن قال ) من بيده العين ( هي لأحدهما وأجهله فإن صدقاه ) على أنه يجهله ( لم يحلف ) لتصديقهما له ( وإلا ) بأن كذباه ( حلف يمينا واحدة ) أنه لا يعلمه ( ويقرع بينهما ) أي بين المدعيين للعين .

                                                                                                                      ( فمن قرع حلف وأخذها ) لأن صاحب اليد أقر بها لأحدهما لا بعينه فصار ذلك المقر له هو صاحب اليد دون الآخر فبالقرعة يتعين المقر له فيحلف على دعواه ويقضي له كما لو أقر له عبثا ( ثم إن بينه ) أي بين من كانت العين بيده المستحق لها بعد قوله هي لأحدهما أجهله ( قبل ) كبينة ابتداء ونقل الميموني إن أبى اليمين من قرع أخذها أيضا أي بلا يمين ( ولهما ) أي : للمتنازعين اللذين ادعيا العين وقال من هي بيده لأحدهما وأجهله ( القرعة بعد تحليفه الواجب وقبله ) أي قبل تحليفه لأن القرعة لا تتوقف على يمينه ولذلك لو صدقاه لم تنتف القرعة ( فإن نكل ) من كانت العين بيده عن حلفه أنه لا يعلم عين المستحق للعين ( قدمت القرعة ) لأن القرعة تعين المقر له ، فإذا قرع صاحبه كان كمن أقر له فلا يمين له عليه لأنه أخذ حقه .

                                                                                                                      ( ويحلف ) المقر ( للمقروع إن أكذبه ) في عدم العلم لأنه متى صدقه لم يكن له عليه يمين ( فإن نكل ) المقر عن اليمين ( أخذ منه بدلها ) كما لو أقر لواحد منهما دون الآخر ( وإن أنكرهما ) أي أنكر من العين بيده كونها لهما أو لأحدهما ( ولم ينازع أقرع ) بين المدعيين كإقراره لأحدهما لا بعينه ( فإن علم أنها للآخر ) المقروع ( فقد مضى الحكم ) لمن خرجت له القرعة نقله المروذي لأن قرعته حكم فلا ينقض بمجرد ذلك .

                                                                                                                      ( وإن لم تكن ) العين ( بيد أحد ) وتنازعها اثنان ( فهي لأحدهما بقرعة ) نص عليه في رواية صالح وحنبل وقدمه في الفروع ومقدم في أول القسم الثاني أنهما يتناصفاها ( وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها ) كما لو أنكر رب اليد ونازع ( وإن كان لكل واحد منهما تعارضتا ) لتساويهما في عدم اليد ( سواء كان مقرا لهما أو لأحدهما ، لا بعينه أو ) كانت المتنازع فيها ( ليست بيد أحد ) فيصيران كمن لا بينة لهما ( وكذلك إن أنكرهما ) وأقاما بينتين تعارضتا .

                                                                                                                      ( ثم إن أقر لأحدهما بعينه بعد إقامتها ) أي البينة ( لم يرجح ) المقر له ( بذلك ) الإقرار ( وحكم التعارض بحاله ) لتساوي البينتين [ ص: 396 ] من كل وجه لأن العين ليست بيد أحدهما فلا ترجح أحدهما برجوع اليد إلى صاحبها لأنها يد طارئة فلا عبرة بها ( وإقراره صحيح ) فيعمل به كما لو لم يكن لواحد منهما بينة .

                                                                                                                      ( وإن كان إقراره له ) أي لأحدهما ( قبل إقامة البينتين ، فالمقر له ) بالعين ( كداخل والآخر كخارج ) لأنها ليست بيده حقيقة ولا حكما بخلاف المقر له فإن العين انتقلت إلى يده بإقرار صاحب اليد ( وإن ادعاها ) أي العين المتنازع فيها ( صاحب اليد لنفسه ولو بعد التعارض حلف لكل واحد منهما يمينا ) لأن المدعيين اثنان فوجب أن يحلف لكل واحد يمينا ( وهي ) أي العين ( له ) لترجح جانبه بوضع اليد ( فإن نكل ) عن اليمين لكل منهما ( أخذاها منه و ) أخذا منه ( بدلها ) لأن العين فاتت على أحدهما بترك اليمين للآخر ( واقترعا عليهما ) أي على العين وبدلها لأن المحكوم له بالعين غير معين فوجبت القرعة لتعيينه .

                                                                                                                      ( وإن أقر من بيده العين بها لغيرهما ) أي غير المدعيين لهما ( فتقدم ) في باب طريق الحكم وصفته .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية