الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  حديث أصحاب الكهف

                                                                  9752 عبد الرزاق ، عن معمر قال : أخبرني إسماعيل بن شروس ، عن وهب بن منبه قال : " جاء رجل من حواري عيسى ابن مريم إلى مدينة أصحاب الكهف فأراد أن يدخلها ، فقيل إن على بابها صنما لا يدخلها أحد إلا سجد له ، فكره أن يدخله فأتى حماما ، فكان قريبا من تلك المدينة ، وكان يعمل فيه يواجر نفسه من صاحب الحمام [ ص: 424 ] ورأى صاحب الحمام في حمامه البركة والرفق ، وفوض إليه ، وجعل يسترسل إليه ، وعلقه فتية من أهل المدينة ، فجعل يخبرهم عن خبر السماء والأرض وخبر الآخرة ، حتى آمنوا به وصدقوه ، وكانوا على مثل حاله في حسن الهيئة ، وكان يشترط على صاحب الحمام أن الليل لي ، ولا تحول بيني وبين الصلاة إذا حضرت ، حتى جاء ابن الملك بامرأة يدخل بها الحمام ، فعيره الحواري فقال : أنت ابن الملك ، وتدخل معك هذه الكذا وكذا ، فاستحيى فذهب فرجع مرة أخرى [ فقال له مثل ذلك ] فسبه وانتهره ، ولم يلتفت حتى دخل ، ودخلت معه المرأة فباتا في الحمام فماتا فيه [ فأتي الملك فقيل له قتل صاحب الحمام ابنك ] فالتمس فلم يقدر [ عليه ] وهرب [ فقال : ] من كان يصحبه ، فسموا الفتية فخرجوا من المدينة فمروا بصاحب لهم في زرع له ، وهو على مثل أمرهم فذكروا له أنهم التمسوا فانطلق معهم ومعه كلب حتى أواهم الليل إلى كهف ، فدخلوا فيه فقالوا : نبيت هاهنا الليلة ، ثم نصبح إن شاء الله ثم ترون رأيكم قال : فضرب على آذانهم ، فخرج الملك [ ص: 425 ] بأصحابه يتبعونهم حتى وجدوهم ، فدخلوا الكهف ، فكلما أراد الرجل منهم أن يدخل أرعب فلم يطق أحد أن يدخل فقال له قائل : ألست قلت : لو كنت قدرت عليهم قتلتهم ؟ قال : بلى قال : فابن عليهم باب الكهف ، ودعهم [ فيه ] يموتوا عطشا وجوعا ، ففعل ، ثم غبروا زمانا ، ثم إن راعي غنم أدركه المطر عند الكهف فقال : لو فتحت هذا الكهف وأدخلت غنمي من المطر ، فلم يزل يعالجه حتى فتح لغنمه فأدخلها فيه ورد الله أرواحهم في أجسادهم من الغد ، حين أصبحوا ، فبعثوا أحدهم بورق ليشتري لهم طعاما ، فلما أتى باب مدينتهم جعل لا يري أحدا من ورقه شيئا إلا استنكرها حتى جاء رجلا فقال : بعني بهذه الدراهم طعاما قال : ومن أين هذه الدراهم ؟ قال : خرجت أنا وأصحاب لي أمس فأوانا الليل ، ثم أصبحنا فأرسلوني فقال : هذه الدراهم كانت على عهد ملك فلان ، فأنى لك هذه الدراهم ؟ فرفعه إلى الملك ، وكان رجلا صالحا فقال : من أين لك هذه الورق ؟ .

                                                                  [ ص: 426 ] قال : خرجت أنا وأصحاب لي أمس حتى أدركنا الليل في كهف كذا وكذا ، [ ثم ] أمروني أصحابي أن أشتري لهم طعاما قال : وأين أصحابك ؟ قال : في الكهف فانطلق معه حتى أتى باب الكهف فقال : دعوني حتى أدخل على أصحابي قبلكم ، فلما رأوه ودنا منهم ، ضرب على أذنه وآذانهم فأرادوا أن يدخلوا عليهم ، فجعل كلما دخل رجل رعب ، فلم يقدروا أن يدخلوا عليهم ، فبنوا كنيسة ، وبنوا مسجدا يصلون فيه " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية