الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في النكاح بصداق مؤجل]

                                                                                                                                                                                        واختلف في النكاح بصداق مؤجل، وإن قرب الأجل.

                                                                                                                                                                                        وقال فيمن تزوج بثلاثين نقدا وثلاثين إلى أجل، لا يعجبني وليس من نكاح من أدركت . يريد: أن الصدقات كانت نقدا. وأجازه أصحابه إلى أربع سنين وجعلوه في أكثر من هذا على ثلاثة أوجه: جائز، ومكروه، وفاسد . [ ص: 1945 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف فيما بعد الأربع سنين إلى العشرين سنة بالجواز والكراهية من غير فسخ، واختلف في فسخ ما زاد على العشرين سنة إلى الخمسين والستين. وإن كان أكثر من ذلك فسخ على كل حال، فكرهه ابن القاسم في كتاب محمد فيما زاد على الأربع. وكرهه ابن وهب فيما زاد على الخمس . وأجازه أصبغ إلى عشرين سنة. قال. وقد زوج أشهب ابنته، وجعل الصداق إلى اثنتي عشرة سنة ، وقال ابن وهب : يفسخ فيما زاد على العشرين سنة. وقاله ابن القاسم ، ثم رجع فقال: يمضي ما لم يبعد جدا مثل الأربعين، ثم رجع فقال: لا يفسخ إلا أن يكون مثل خمسين وستين، فيكون بمنزلة من جعل النقد إلى موت، أو فراق ، ولو فسخ قبل في الأربعين لم أعبه .

                                                                                                                                                                                        وحكى ابن حبيب عن ابن وهب وابن القاسم أنه يفسخ فيما زاد على العشر ثم رجع عنه ابن القاسم ، وهذا خلاف قولهما في كتاب محمد . فكره مالك الأجل وإن قرب حماية، لئلا يتذرع الناس إلى النكاح بغير صداق، ويظهروا أن هناك صداقا، ثم يسقط قبل القبض لما علم من كثير من الناس أنهم يظهرون من السماع في الصداق خلاف ما ينطقون به . وأما العشر [ ص: 1946 ] سنين ونحوها، فيكره لأنه لا يدرى كيف تكون الذمة عند انقضاء الأجل. وأما العشرون والثلاثون، فتمنع لأنها مدة يتحين لوقوع الموت فيها، فيتعجل الصداق في الثلاثين إن كان شابا، وفي العشرين إذا كان كهلا، وفي العشر إذا كان شيخا; لأن كل ذلك مما يتوقع فيه البائع الموت وتعجيل الثمن.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية