الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) في جناية الرقيق ( مال جناية العبد ) أي الرقيق الخطأ وشبه العمد والعمد إذا عفي عنه على مال وإن فدى من جنايات سابقة ( يتعلق برقبته ) إجماعا ولأنه العدل إذ السيد لم يجن والتأخير إلى عتقه فيه تفويت على المستحق بخلاف معاملة غيره له لرضاه بذمته وإنما ضمن مالك البهيمة أو عاقلته جنايتها لأنه لا اختيار لها فصار كأنه الجاني ومن ثم لو كان القن غير مميز أو أعجميا يعتقد [ ص: 34 ] وجوب الطاعة فأمره سيده بالجناية لزمه أو عاقلته أرشها بالغا ما بلغ ولم تتعلق بالرقبة وكذا لو أمره أجنبي يلزم الأجنبي أيضا واستشكل بأن آمره بالسرقة لا يقطع ورد بأن الأكثرين على قطعه لأنه آلته بخلاف أمر السيد أو غيره للمميز فإنه لا يمنع التعلق برقبته لأنه المباشر ومن ثم لم تتعلق الجناية بغير الرقبة من مال الآمر ولو لم يأمر غير المميز أحد تعلقت برقبته فقط لأنه من جنس ذوي الاختيار بخلاف البهيمة ومعنى التعلق بها أنه يباع ويصرف ثمنه للمجني عليه فلا يملكه هو ولا وارثه لئلا يبطل حق السيد من الفداء ويتعلق بجميعها

                                                                                                                              وإن كان الواجب حبة وقيمته ألفا ولو أبرأ المستحق من بعضها أي المعين انفك منه بقسطها كذا صححاه في الوصايا وهو مشكل فإن تعلق الرهن دونها لتقدمها عليه ولو أبرأ المرتهن من البعض لم ينفك منه شيء فقياسه أنه لا ينفك منه شيء هنا وقد يفرق بأن التعلق ثم إنما هو بالذمة أصالة وأما بالرهن فهو لكونه كالنائب عنها أعطي حكمها من شغله كله ما دامت مشغولة كلها إذ لا يتصور فيها التجزؤ وأما التعلق هنا فهو بالرقبة وهو موجود محسوس يمكن تجزيه فعملوا بقضية كل في بابه ( ولسيده ) بنفسه أو نائبه ( بيعه ) أو بيع ما يملكه منه إذا كان مبعضا إذ الواجب عليه من واجب جنايته بنسبة حريته وما فيه من الرق [ ص: 35 ] يتعلق به باقي واجب الجناية ( لها ) أي لأجلها بإذن المستحق وتسليمه ليباع فيها ( وفداؤه ) كالمرهون ويقتصر في البيع على قدر الحاجة ما لم يختر السيد بيع الجميع أو يتعذر وجود راغب في البعض

                                                                                                                              وإذا اختار فداءه لم يلزمه إلا ( بالأقل من قيمته ) يوم الفداء لأن الموت قبل اختياره لا يلزم السيد به شيء فأولى النقص نعم إن منع من بيعه ثم نقصت قيمته عن وقت الجناية اعتبرت قيمته وقتها ( وأرشها ) لأن الأرش إن كان أقل فلا واجب غيره وإلا لم يلزم السيد غير الرقبة فقبل منه قيمتها ( وفي القديم بأرشها ) بالغا ما بلغ

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل في جناية الرقيق )

                                                                                                                              ( قول المتن يتعلق برقبته ) سيأتي في باب الكتابة قول المصنف ، ولو قتل أي المكاتب سيده فلوارثه قصاص فإن عفا على دية أو قتل خطأ أخذها مما معه فإن لم يكن فله تعجيزه في الأصح أو قطع طرفه فاقتصاصه والدية كما سبق ، ولو قتل أجنبيا أو قطعه فعفا على مال أو كان خطأ أخذ مما معه أو مما سيكسبه الأقل من قيمته والأرش فإن لم يكن معه شيء وسأل المستحق تعجيزه عجزه القاضي وبيع بقدر الأرش فإن بقي منه شيء بقيت فيه الكتابة إلخ ا هـ فعلم أن المكاتب ليس كغيره فليتأمل . ( قوله جنايتها ) على آدمي كما [ ص: 34 ] هو ظاهر لأن جنايتها على المال لا تلزم العاقلة .

                                                                                                                              ( قوله فأمره سيده إلخ ) بقي ما لو جنى بلا أمر وهو الذي هو نظير جناية البهيمة ، ثم رأيته ذكره . ( قوله بخلاف أمر السيد أو غيره للمميز ) ، ثم قوله قريبا وإن أذن له في الجناية حاصله أنه لا أثر لأمره بالجناية ولا لإذنه فيها وسيأتي قريبا أنه لو لم ينزع لقطة علمها بيده فعلقت ، ولو بغير فعله ضمنها في سائر أمواله أيضا فإنه مجرد عدم النزع فقد يستشكل ذلك بأن كلا من الأمر بالجناية والإذن فيها إن لم يزد على مجرد عدم النزع ما نقص عنه فكيف أثر هذا دون ذاك . ( قوله : ولو أبرأ المستحق من بعضها إلخ ) عبارة شرح الروض فإن حصلت البراءة من بعض الواجب انفك عنه بقسطه إلخ .

                                                                                                                              ( قوله وهو مشكل فإن تعلق الرهن إلخ ) ويفارقه المرهون بأن الراهن حجر على نفسه فيه م ر ش . ( قوله دونها ) أي دون الجناية ( قوله بنسبة حريته ) يتأمل [ ص: 35 ] قوله يتعلق به باقي واجب الجناية ) قال في شرح الروض فيفديه السيد بأقل الأمرين من حصتي واجبها والقيمة ا هـ وفي العباب في بحث العاقلة فإن تبعض فقسط حريته على عاقلته ا هـ . ( قوله أي لأجلها بإذن المستحق إلخ ) قال في الروض وشرحه وحمل الجانية غير المستولدة للسيد لا يتعلق به الأرش سواء كان موجودا يوم الجناية أم حدث بعدها فلا تباع حتى تضع إذ لا يمكنه إجبار السيد على بيع الحمل ولا يمكن استثناؤه فإن لم يفدها بعد وضعها بيعا معا وأخذ السيد ثمن الولد أي حصته وأخذ المجني عليه حصته انتهى وكان وجه إطلاق قوله فلا تباع إلخ تعذر بيعه معها للسيد إذ لا يمكن تقديمه قبل الوضع ليوزع القن .

                                                                                                                              ( قوله بإذن المستحق ) عبارة الزركشي وإلا فإذن المجني عليه شرط انتهى ( قول المتن وفداؤه إلخ ) قال في الروضة لو لم يفد السيد الجاني ولا سلمه للبيع باعه القاضي وصرف الثمن للمجني عليه ولو باعه بالأرش جاز إن كان نقدا ، وكذا إبلا ، وقلنا يجوز الصلح عنها انتهى وعبارة الروض وإنما يباع الجاني بالأرش النقد لا الإبل ، ولو من المجني عليه انتهى . ( قوله يوم الفداء ) كذا اعتبره القفال وحمل النص على اعتبار يوم الجناية على ما إذا منع من بيعه يوم الجناية ، ثم نقصت القيمة . ( قوله عن وقت الجناية ) هلا اعتبر وقت المنع .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في جناية الرقيق ) ( قوله في جناية الرقيق ) إلى قوله ومعنى التعلق في النهاية إلا قوله أو عاقلته وإلى قوله وهو مشكل في المغني إلا قوله وإن فدى إلى المتن قوله أو عاقلته وقوله واستشكل إلى بخلاف أمر السيد ( قوله في جناية الرقيق ) أي غير المكاتب أما جنايته فستأتي في باب الكتابة ا هـ سم ( قوله الخطأ إلخ ) صفة الجناية ( قوله والعمد ) الواو بمعنى أو كما عبر بها النهاية والمغني قال ع ش قوله أو عمدا وعفا على مال أي أو عمدا لا قصاص فيه أو إتلافا لمال غير سيده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإن فدى إلخ ) هذه الغاية تعلم من قول المصنف ولو فداه ثم جنى إلخ ا هـ ع ش ( قوله فدي ) ببناء المفعول ( قول المتن يتعلق برقبته ) ولا يجب على عاقلة سيده لأنها وردت في الحر على خلاف الأصل .

                                                                                                                              ( فرع ) حمل الجناية غير المستولدة للسيد لا يتعلق به الأرش سواء كان موجودا يوم الجناية أم حدث بعدها فلا تباع حتى تضع إذ لا يمكن إجبار السيد على بيع الحمل ولا يمكن استثناؤه فإن لم يفدها بعد وضعها بيعا معا وأخذ السيد ثمن الولد أي حصته وأخذ المجني عليه حصته ا هـ مغني وفي سم بعد ذكر مثله عن الروض وشرحه وكان وجه إطلاق قوله فلا تباع إلخ تعذر بيعه معها للسيد إذ لا يمكن تقويمه قبل الوضع ليوزع الثمن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إذ السيد إلخ ) عبارة النهاية وشرح المنهج إذ لا يمكن إلزامه لسيده لأنه إضرار به مع براءته ولا أن يقال ببقائه في ذمته إلى عتقه لأنه تفويت للضمان أو تأخير إلى مجهول وفيه ضرر ظاهر ا هـ قال الحلبي قوله لأنه تفويت إلخ أي فيما إذا مات ولم يعتق وقوله أو تأخير إلخ أي إن عتق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف إلخ ) حال من فاعل يتعلق ( قوله له ) أي للرقيق وقوله لرضاه أي الغير ( قوله وإنما ضمن مالك البهيمة ) أي إذا قصر ا هـ مغني وكالمالك كل من كانت في يده ا هـ ع ش ( قوله جنايتها ) أي على آدمي كما هو ظاهر لأن جنايتها على المال لا تلزم العاقلة سم وسلطان ( قوله لأنه لا اختيار لها إلخ ) أي وجناية العبد مضافة إليه فإنه يتصرف باختياره ا هـ نهاية ( قوله ومن ثم ) أي ومن أجل [ ص: 34 ] الفرق بين العبد والبهيمة بالاختيار وعدمه ( قوله وجوب الطاعة ) أي طاعة آمره ( قوله فأمره إلخ ) أي غير المميز أو الأعجمي وكذا ضمير لو أمره ( قوله يلزم الأجنبي ) أي أو عاقلته ( قوله واستشكل ) أي لزوم أرش جناية القن الغير المميز أو الأعجمي على آمره بها ( قوله بأن أمره ) أي القن الغير المميز أو الأعجمي ( قوله بأن الأكثرين إلخ ) اعتمده النهاية كما مر ( قوله لأنه ) أي القن المذكور آلته أي الآمر ( قوله بخلاف أمر السيد إلخ ) راجع لما قبل وكذا إلخ وما بعده ( قوله بخلاف أمر السيد ) أو غيره للمميز ثم قوله قريبا وإن أذن له في الجناية حاصله أنه لا أثر لأمره بالجناية ولا لإذنه فيها وسيأتي قريبا أنه لو لم ينزع لقطة علمها بيده فتلفت ولو بغير فعله ضمنها في سائر أمواله أيضا فأثر مجرد عدم النزع فقد يستشكل ذلك بأن كلا من الأمر بالجناية والإذن فيها إن لم يزد على مجرد عدم النزع ما نقص عنه فكيف أثر هذا دون ذاك ا هـ سم أقول وقد يمنع بأن كلا منهما لا يؤدي إلى الإتلاف إذ الفرض أنه مميز مختار وأن عدم النزع يؤدي إلى التلف بيده كما هو ظاهر ثم رأيت أن الشارح ذكر ما يقرب منه ثم رأيت قال السيد عمر البصري بعد ذكر كلام سم ما نصه أقول كان رقم الفاضل المحشي لهذه القولة قبل الاطلاع على التنبيه الآتي أو لعل التنبيه ساقط من نسخته فإنه من الملحقات بأصل الشارح رحمه الله تعالى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأنه المباشر ) أي وله اختيار ا هـ ع ش ( قوله فلا يملكه ) أي القن الجاني ( قوله هو إلخ ) أي المجني عليه ( قوله ويتعلق ) أي مال الجناية ( قوله وإن كان الواجب حبة ) من قبيل المبالغة وإلا فالحبة ليست بمتمول ( قوله من بعضها ) أي مال الجناية والتأنيث باعتبار المضاف إليه ويحتمل إبقاؤه على ظاهره بلا تأويل لكن يؤيد الأول قول المغني والأسنى من بعض الواجب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله منه ) أي العبد ا هـ معنى ( قوله بقسطها ) عبارة المغني بقسطه ا هـ أي البعض ( قوله وهو ) أي الانفكاك هنا أو تصحيحه ( قوله دونها ) أي دون الجناية ا هـ سم عبارة المغني دون تعلق المجني عليه برقبة العبد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو أبرأ المرتهن إلخ ) جملة حالية ( قوله من البعض ) أي بعض الرهن ( قوله لم ينفك منه ) أي من الرهن ( قوله لا ينفك منه ) أي من العبد ( قوله بأن التعلق إلخ ) عبارة المغني بأن التعلق الجعلي أقوى من الشرعي وعبارة سم ويفارق المرهون بأن الراهن حجر على نفسه فيه م ر ع ش ا هـ ( قوله وأما بالرهن ) أي التعلق بالرهن وكان الأولى حذف الباء أو زيادة الفاء في قوله الآتي أعطي إلخ فهو لكونه أي الرهن كالنائب عنها أي الذمة أعطي أي الرهن حكمها أي الذمة ( قوله من شغله ) بيان للحكم والضمير للرهن ( قوله ما دامت إلخ ) أي الذمة ( قوله وهي ) أي الرقبة ( قوله موجود إلخ ) كان الظاهر المناسب التأنيث ولعل التذكير نظرا لكون التاء بمنزلة حرف البناء كالمعرفة والنكرة ( قوله بقضية كل ) أي من الرهن والجناية ( قوله بنفسه ) إلى قول المتن بالأقل في النهاية وإلى قوله وهذه إن كان في المغني إلا قوله ولا مانع وقوله السيد وثم مانع إلى العبد ( قول المتن ولسيده بيعه ) ظاهر إطلاقه أنه يباع ويصرف ثمنه للمستحق حالا بلا تأجيل في ثلاث سنين ويؤيده أنهم لم يفرقوا هنا بين العمد وغيره ا هـ ع ش ( قوله بنسبة حريته ) يتأمل سم لم يظهر وجهه ليتأمل ا هـ سيد عمر أقول لعل وجه التأمل الاحتياج إلى التأويل بأن المراد مقدار نسبته إلى مجموع القيمة على فرض رقبة الكل كنسبة حرية المبعض إلى مجموعه ( قوله [ ص: 35 ] يتعلق به باقي واجب الجناية ) فيفديه السيد بأقل الأمرين من حصتي واجبها والقيمة نهاية ومغني وأسنى قال سم وفي العباب في بحث العاقلة فإن تبعض فقسط حريته على عاقلته ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أي لأجلها ) أي الجناية ( قوله بإذن المستحق ) عبارة الزركشي وإلا فإذن المجني عليه شرط انتهى ا هـ سم ( قوله وتسليمه ) مرفوع عطفا على بيعه في المتن وقد يغني عنه قوله المار أو بنائبه ثم رأيت أن المحلي اقتصر على ما هنا وشرح المنهج على ما مر ( قول المتن وفداؤه ) قال في الروضة لو لم يفسد السيد الجاني ولا سلمه باعه القاضي وصرف الثمن للمجني عليه ولو باعه بالأرش جاز إن كان نقدا وكذا إبلا وقلنا بجواز الصلح عنها انتهى وعبارة الروض وإنما يباع الجاني بالأرش النقد لا الإبل ولو من المجني عليه انتهت ا هـ سم ( قوله ويقتصر ) أي البائع ا هـ ع ش ( قوله على قدر الحاجة ) أي قدر أرش الجناية ا هـ مغني ( قوله إلا بالأقل إلخ ) استثناء من الضمير المستتر في لم يلزمه الراجع لفداء بشيء ( قوله يوم الفداء ) وفاقا للأسنى والمغني ورجح النهاية اعتبار وقت الجناية مطلقا وقال ع ش هو المعتمد ( قوله نعم إن منع من بيعه إلخ ) ينبغي أن يزاد وقت الجناية حتى يتجه اعتبار قيمة وقتها وإلا فالمتجه اعتبار قيمة وقت المنع والله أعلم ثم رأيت الفاضل المحشي نبه على ذلك فقال قوله عن وقت الجناية هلا اعتبر وقت المنع ا هـ وهل لو مات بعد المنع يلزمه قيمته ويكون منعه اختيارا أو لا محل تأمل والظاهر الأول إذ لا يظهر فرق بين نقص القيمة وسقوطها ا هـ سيد عمر أقول وقول المصنف الآتي إلا إذا طلب فمنعه صريح فيما استظهره ( قوله وإلا ) أي بأن كانت القيمة أقل ( قوله منها ) أي بدل الرقبة ( قوله بالغا ما بلغ ) أي لأنه لو سلمه ربما بيع بأكثر من قيمته والجديد لا يعتبر هذا الاحتمال ا هـ مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية