الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو اختلف السيد والمكاتب تحالفا وترادا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا اختلفا في صفة الكتابة مع اتفاقهما على العقد واختلافهما فيه ، قد يكون من أربعة أوجه : إما في قدر المال : فيقول المكاتب على ألف ، ويقول السيد : على ألفين . أو يختلفان في صفته فيقول المكاتب : على دراهم سود ، ويقول السيد : على دراهم بيض .

                                                                                                                                            أو يختلفان في الأجل فيقول السيد : إلى سنة ، ويقول المكاتب : إلى سنتين .

                                                                                                                                            أو يختلفان في عدد النجوم ، فيقول السيد : الأجل سنة قد اتفقنا عليها أنها في نجمين . ويقول المكاتب في أربعة أنجم فيكون اختلافهما في صفة الكتابة من هذه الأوجه الأربعة سواء في الحكم ، فإن كانت لأحدهما بينة عمل عليها ، والبينة شاهدان ، أو شاهد وامرأتان ، أو شاهد ويمين ، لأنها في حقوق الأموال ، وإن لم يكن لواحد منهما بينة تحالفا ، كما يتحالف المتبايعان إذا اختلفا .

                                                                                                                                            فإن حلف أحدهما ، ونكل الآخر قضي بقول الحالف منهما على الناكل ، فإن حلفا معا لم يخل أن يكون ذلك قبل العتق أو بعده ، فإن كان قبل العتق وقع الفسخ بينهما ، وفيما يقع به الفسخ وجهان :

                                                                                                                                            [ ص: 193 ] أحدهما : بنفس التحالف .

                                                                                                                                            والثاني : بفسخ الحاكم كما قلنا في تحالف المتبايعين ، ويعود المكاتب بعد الفسخ عبدا ، وقد ملك السيد ما أخذه منه في الأداء ، وإن كان تحالفهما بعد العتق وانفسخت الكتابة تراجعا ، فيرجع السيد على مكاتبه بقيمته ، ويرجع المكاتب على السيد بما أداه إليه ، وهو معنى قول الشافعي : تحالفا فترادا كما يتراد المتبايعان بعد التحالف عند تلف البيع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية