الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 45 ] ( فصل ) في الكفارة والقصد بها تدارك ما فرط من التقصير وهو في الخطأ الذي لا إثم فيه ترك التثبت مع خطر الأنفس ( يجب بالقتل كفارة ) على القاتل غير الحربي الذي لا أمان له والجلاد الذي لم يعلم خطأ الإمام إجماعا للآية ويجب الفور في العمد وشبهه كما هو ظاهر تداركا لإثمهما بخلاف الخطأ وخرج بالقتل ما عداه فلا يجب فيه لأنه لم يرد ( وإن كان القاتل ) المذكور ( صبيا أو مجنونا ) لأن غاية فعلهما أنه خطأ وهي تجب فيه وإنما لم تلزمهما كفارة وقاع رمضان لأنها مرتبطة بالتكليف وليسا من أهله وهنا بالإزهاق احتياطا للحياة فيعتق الولي عنهما من مالهما فإن فقد فصاما وهما مميزان أجزأهما وكذا من ماله إن كان أبا أو جدا

                                                                                                                              وكذا وصي وقيم وقد قبل لهما القاضي التمليك ( وعبدا ) فيكفر بالصوم ( وذميا ) قتل مسلما أو غيره نقض العهد أو لا ومعاهدا ومستأمنا ومرتدا ويتصور إعتاق الكافر للمسلم بأن يرثه أو يستدعي عتقه ببيع ضمني وسفيها ولا يجزئه غير عتق الولي عنه إن أيسر ( وعامدا ) كالمخطئ بل أولى لأنه أحوج إلى الجبر ولما في الخبر الصحيح من إيجابها في قتل استوجب صاحبه النار وهو لا يكون إلا عمدا أو شبهه ( ومخطئا ) إجماعا ولم يتعرض لشبهة العمد لأنه معلوم مما ذكره لأخذه شبها منهما ومأذونا له من المقتول ( ومتسببا ) كمكره وآمر لغير مميز وشاهد زور وحافر عدوانا وإن حصل التردي بعد موت الحافر فالمراد بالمتسبب ما يشمل صاحب الشرط أما الحربي الذي لا أمان له والجلاد القاتل بأمر الإمام ظلما وهو جاهل بالحال فلا كفارة عليهما لعدم التزام الأول ولأن الثاني سيف الإمام وآلة سياسته ( بقتل ) معصوم عليه نحو ( مسلم ولو بدار حرب ) وإن لم يجب فيه قود ولا دية في صوره السابقة أول الباب لقوله تعالى { فإن كان من قوم عدو لكم } الآية أي فيهم وذمي كمعاهد ومستأمن كما في آخر الآية وكمرتد بأن قتله مرتد مثله لما مر أنه معصوم عليه

                                                                                                                              ويقاس به نحو زان محض وتارك صلاة وقاطع طريق بالنسبة لمثله لأنه معصوم عليه بخلاف هؤلاء بالنسبة لغير مثلهم لإهدارهم نعم قاطع الطريق لا بد فيه [ ص: 46 ] من إذن الإمام وإلا وجبت كالدية ( وجنين ) مضمون لأنه آدمي معصوم ( وعبد نفسه ) لذلك ، ولأن الكفارة حق لله تعالى ( ونفسه ) فتخرج من تركته لذلك أيضا ومن ثم لو هدر كالزاني المحصن لم تجب فيه على ما استظهره شارح وإن أثم بقتل نفسه كما لو قتله غيره افتياتا على الإمام ( وفي ) قتل ( نفسه وجه ) أنها لا تجب فيها كما لا ضمان ويرده وضوح الفرق وهو أن الكفارة حق الله تعالى فلم تسقط بفعله بخلاف الضمان

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 45 ] فصل يجب بالقتل كفارة إلخ )

                                                                                                                              . ( قوله : وإن كان القاتل صبيا إلخ ) وما ذكره الشيخان في الصداق من عدم جواز إعتاقه عن الصبي حمله بعضهم على ما إذا كانت على التراضي وما هنا على ما إذا كانت على الفور أو على ما إذا كان العتق تبرعا والجواز على الواجب م ر . ( قوله أول الباب ) أي كتاب الجراح ( قوله لا بد فيه [ ص: 46 ] من إذن ) أي في قتله . ( قوله وإلا وجبت كالدية ) قال في شرح الإرشاد بناء على ما يأتي من أن المغلب في قتله بلا إذن معنى القصاص فلا إشكال بين البابين انتهى . ( قوله لم تجب فيه إلخ ) هذا يقتضي تنزيل قتل نفسه منزلة [ ص: 47 ] قتل غير مثله له لا منزلة قتل مثله له وإلا وجبت فليتأمل وجه التنزيل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              [ ص: 45 ] ( فصل في الكفارة )

                                                                                                                              ( قوله والقصد بها ) إلى قول المتن وصائل في النهاية إلا قوله إجماعا وقوله وشبهه وقوله ولما في الخبر إلى المتن وما سأنبه عليه ( قوله وهو ) أي التقصير ( قوله غير الحربي إلخ ) صفة القاتل ( قوله والجلاد ) عطف على الحربي ( قوله للآية ) لعله على حذف العاطف ( قوله ما عداه ) أي من الأطراف والجروح ا هـ مغني ( قوله فيه ) أي فيما عدا القتل ( قوله لأنه ) أي ما عداه أي الكفارة فيه ( قول المتن صبيا ) أي وإن لم يكن مميزا وتقدم أن غير المميز لو قتل بأمر غيره ضمن آمره دونه وقضيته أن الكفارة كذلك كما نبه عليه الأذرعي ا هـ نهاية قال ع ش قوله كما نبه عليه إلخ معتمد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإنما لم تلزمهما كفارة وقاع إلخ ) انظر ما صورته في المجنون وغير المميز ا هـ رشيدي عبارة ع ش قوله لأنها مرتبطة بالتكليف إلخ قد يقال لا حاجة للجواب بالنسبة للمجنون لأنه ليس في صوم فلا يتوهم وجوب الكفارة عليه حتى يحتاج للجواب عنه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأنها ) أي هناك وقوله وهنا عطف على هذا المقدر عبارة النهاية والمدار هنا على الإزهاق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيعتق الولي ) إلى قوله وعكسه في المغني إلا قوله ومعاهدا ومستأمنا ومرتدا وقوله ولا يجزئه إلى المتن وقوله أو شبهه وقوله نعم إلى المتن وقوله ويرده إلى المتن ( قوله فيعتق الولي إلخ ) أي سواء كانت الكفارة على الفور أم على التراخي وهذا هو المعتمد كما يدل عليه سياقه وصرح به والده في حواشي شرح الروض وعليه فما ذكره الشيخان في باب الصداق ضعيف ا هـ رشيدي ( قوله فإن فقد ) أي مالهما ( قوله فصاما إلخ ) عبارة النهاية وصام الصبي المميز أجزأه ا هـ وزاد المغني وألحق الشيخان به المجنون في هذا وهو محمول على أن صومه لا يبطل بطريان جنونه وإلا لم تتصور المسألة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وكذا من ماله ) أي يعتق الولي عنهما من مال نفسه فكأنه ملكهما ثم ناب عنهما في الإعتاق ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله وكذا وصي وقيم إلخ ) أي يعتقان عن الصبي والمجنون إذا قبل القاضي تمليكهما لمالهما عن الصبي والمجنون فيدخل في ملكهما ويصير من جملة أموالهما فيعتقان عنهما بولايتهما عليهما ( قوله وقد قبل إلخ ) أي وإلا فلا ينفذ إعتاقهما عن موليهما لأن تولي الطرفين خاص بالأب والجد ا هـ ع ش ( قوله لهما ) أي للصبي والمجنون وقوله التمليك أي تمليك الوصي والقيم .

                                                                                                                              ( قوله قتل مسلما أو غيره إلخ ) عبارة المغني ولا فرق بين أن يقتل مسلما وقلنا بنقض عهده بقتل المسلم أو لا أو ذميا ويتصور إعتاقه مسلما في صور منها أن يسلم في ملكه أو يرتد أو يقول لمسلم أعتق عبدك عن كفارتي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وسفيها ) عطف على صبيا ( قوله وهو إلخ ) أي استيجاب النار ( قوله لأنه إلخ ) أي ولأن الخطأ يطلق على شبه العمد كما يأتي ( قوله مما ذكره ) وهو قول المصنف وعامدا ومخطئا ( قوله ومأذونا ) أي في القتل فهو عطف على صبيا ( قوله فالمراد بالتسبب إلخ ) وتقدم أوائل كتاب الجراح الفرق بين الشرط والسبب والمباشرة ا هـ مغني ( قوله لعدم التزام الأول ) أي الحربي وقوله ولأن الثاني أي الجلاد وقوله وآلة سياسته عطف تفسير ا هـ ع ش ( قوله معصوم عليه ) أي على القاتل .

                                                                                                                              ( قوله أول الباب ) أي كتاب الجراح ا هـ سم ( قوله كمعاهد إلخ ) مثال لنحو الذمي ( قوله بالنسبة لمثله ) أي في الإهدار وإن لم يكن بصفته كالزاني المحصن إذا قتله تارك الصلاة أو عكسه فعليه الكفارة ا هـ ع ش ( قوله بالنسبة لغير مثلهم ) فلا تجب الكفارة عليه ا هـ مغني ( قوله لا بد فيه من إذن [ ص: 46 ] الإمام ) أي قبل القتل سم ا هـ ع ش ( قوله وإلا وجبت كالدية ) قال في شرح الروض بناء على ما يأتي من أن المغلب في قتله بلا إذن معنى القصاص فلا إشكال بين البابين انتهى ا هـ سم ( قوله لذلك ) أي لأنه آدمي معصوم .

                                                                                                                              ( قوله لم تجب فيه إلخ ) هذا يقتضي تنزيل قتله نفسه منزلة قتل غير مثله له لا منزلة قتل مثله له وإلا وجبت فليتأمل وجه التنزيل سم على حج ووجه التأمل الذي أشار إليه أنه معصوم على نفسه وذلك يقتضي وجوب الكفارة عليه فعدمها مخالف لما قدمه في التيمم من أن الزاني المحصن معصوم على نفسه فيشرب الماء لعطشه ويتيمم ا هـ ع ش ( قوله على ما استظهره شارح ) عبارة النهاية كما استظهره بعض الشراح ا هـ وعبارة المغني كما قال الزركشي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لو قتله غيره افتياتا على الإمام ) أي فإنه لا كفارة على القاتل ا هـ ع ش ( قوله لأنه ) أي المنع من قتلهما ا هـ مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية