الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 2892 ] لوط - عليه السلام - وقومه

                                                          قال تعالى في هذه القصة في هذا الموضع، وقد كان لوط في عصر إبراهيم، وله قرابة، وما بينه وبين إبراهيم نؤجله للبيان القرآني في موضعه.

                                                          ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين

                                                          كان قوم لوط أفحش الأقوام العربية فجورا وانحرافا وإسرافا، فكانوا مع إشراكهم قد انحرفوا عن الفطرة وشذوا عنها; ولذا كان أول ما واجههم به نبي الله لوط أن ذكر لهم تلك الجريمة البشعة التي شذوا بها عن الفطرة والإنسانية والأخلاق العربية.

                                                          ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون

                                                          وقوله تعالى: (ولوطا) مفعول لفعل محذوف، تقديره: واذكر لوطا، وهو في هذا يذكر مساوئ الشرك وأهله، فإذا أضلهم عبادة غير الله فهو انحراف في الفكر والنفس يؤدي إلى أعظم الانحراف في العمل: إذ قال لقومه وذكر قومه يدل على أنه ليس دخيلا بينهم، بل هو من أسرتهم وجماعتهم، ولكنهم انحرفوا عن الإنسانية، قال لهم: أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من [ ص: 2893 ] العالمين الفاحشة: الأمر الزائد زيادة فاحشة بعيدة عن كل معقول، ما سبقكم بها أحد من البشر أي اخترعتموها لانحراف نفوسكم وعقولكم عن حكم الفطرة، فارتكبتم فاحشة لم يقع أحد من الناس قبلكم، وفسرها بعد ذلك الحكم القاسي الذي يليق بهم وأمثالهم من شواذ بني الإنسان

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية