الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون ؛ معناها : " لا يحسبن من أفلت من هذه الحرب قد سبق إلى الحياة " ؛ والقراءة الجيدة : " ولا تحسبن " ؛ بالتاء؛ على مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وتكون " تحسبن " ؛ عاملة في " الذين " ؛ ويكون " سبقوا " ؛ الخبر؛ ويجوز فتح السين؛ وكسرها؛ وقد قرأ بعض القراء : " ولا يحسبن الذين كفروا " ؛ بالياء؛ ووجهها ضعيف عند أهل العربية؛ إلا أنها جائزة؛ على أن يكون المعنى : " ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا " ؛ لأنها في حرف ابن مسعود : " إنهم سبقوا " ؛ فإذا كانت كذلك فهو بمنزلة قولك : " حسبت أن أقوم " ؛ و " حسبت أقوم " ؛ على حذف " أن " ؛ وتكون " أقوم " ؛ و " قام " ؛ تنوب عن الاسم؛ والخبر؛ كما أنك إذا قلت : " ظننت لزيد خير منك " ؛ فقد نابت الجملة عن اسم الظن؛ وخبره؛ وفيها وجه آخر : " ولا يحسبن قبيل المؤمنين الذين كفروا سبقوا " . [ ص: 422 ] ويجوز فيها أوجه لم يقرأ بها : يجوز " ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا " ؛ و " ولا يحسبن الذين كفروا " ؛ أي : " لا يحسب المؤمنون الذين كفروا سبقوا " ؛ ولكن القراءة سنة؛ لا يقرأ إلا بما قرأت به القراء؛ ويجوز : " إنهم " ؛ بكسر " إن " ؛ ويجوز " أنهم " ؛ فيكون المعنى : " ولا يحسبن الذين كفروا أنهم يعجزون " ؛ ويكون " أن " ؛ بدلا من " سبقوا " ؛ قال أبو إسحاق : هذا الوجه ضعيف؛ لأن " لا " ؛ لا تكون لغوا في موضع يجوز أن تقع فيه غير لغو؛ وقوله : " يعجزون " ؛ فتح النون الاختيار؛ ويجوز كسرها على أن يكون المعنى : " إنهم لا يعجزونني " ؛ بحذف النون الأولى لاجتماع النونين؛ قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        رأته كالنعام يعل مسكا ... يسوء الفاليات إذا فليني



                                                                                                                                                                                                                                        يريد : " فلينني " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية