الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 60 ] ( فصل )

                                                                                                                              فيما يثبت به موجب القود والمال بسبب الجناية وأكثره يأتي في الشهادات والدعاوى وقدم هنا تبعا للشافعي رضي الله عنه ( إنما يثبت موجب ) بكسر الجيم ( القصاص ) في نفس أو غيرها من قتل أو جرح أو إزالة ( بإقرار ) صحيح من الجاني ( أو ) شهادة ( عدلين ) أو بعلم القاضي أو بنكول المدعى عليه مع حلف المدعي كما يعلمان مما سيذكره على أن الأخير كالإقرار وما قبله كالبينة وسيأتي أن السحر لا يثبت إلا بالإقرار فلا يرد عليه ( و ) إنما يثبت موجب ( المال ) مما مر ( بذلك ) أي الإقرار أو شهادة العدلين وما في معناهما ( أو برجل وامرأتين أو ) برجل ( ويمين ) مفردة أو متعددة كما مر آنفا أو بالقسامة كما علم مما قدمه

                                                                                                                              وشرط ثبوته بالحجة الناقصة أن يدعي به لا بالقود وإلا لم يثبت المال بها ، وإنما وجب في السرقة بها ، وإن ادعى القطع ؛ لأنها توجبهما والعمد لا يوجب إلا القود فلو أوجبنا المال أوجبنا غير المدعى ( ولو عفا ) المستحق ( عن القصاص ) قبل الدعوى والشهادة على مال ( ليقبل للمال رجل وامرأتان ) أو شاهد ويمين ( لم يقبل في الأصح ) إذ لا يثبت المال إلا بعد ثبوت القود أما بعدهما وقبل الثبوت فلا يقبل قطعا لأن الشهادة غير مقبولة حين أقيمت ( ولو شهد ، هو وهما ) أي رجل وامرأتان وفي معناهما رجل معه يمين ( بهاشمة قبلها إيضاح لم يجب أرشها على المذهب ) لاتحاد الجناية فإذا اشتملت على موجب قود لم يثبت إلا بحجة كاملة وبه فارق رمي سهم لزيد مرق منه لغيره فإن الثاني يثبت بالناقصة لأنهما جنايتان مستقلتان ومن ثم لو اختلف الجاني أو الضربة في الأولى ثبت الهشم بها لانفراده حينئذ ( وليصرح ) [ ص: 61 ] وجوبا ( الشاهد بالمدعى ) الذي ، هو إضافة التلف للفعل ( فلو قال ) أشهد أنه ( ضربه بسيف فجرحه فمات لم يثبت ) المدعى به ، وهو الموت الناشئ عن فعله ( حتى يقول فمات منه ) أي من جرحه ( أو فقتله ) أو فمات مكانه ؛ لأنه لما احتمل موته بسبب آخر غير جراحته تعينت إضافة الموت إليها دفعا لذلك الاحتمال ويكفي أشهد أنه قتله ، وإن لم يذكر ضربا ولا جرحا خلافا لما قد يتوهم من العبارة ( ولو قال ضرب رأسه فأدماه أو فأسال دمه ثبتت دامية ) لتصريح كلامه بها بخلاف فسال دمه لاحتمال حصول السيلان بسبب آخر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل إنما يثبت موجب القصاص بإقرار أو عدلين إلخ )

                                                                                                                              ( قوله : مفردة أو متعددة كما مر ) راجع أين مر ذلك بالنسبة للمفردة وعبارة الزركشي وقوله : أو يمين صوابه أو ويمين بزيادة واو إلا أن يريد المال في غير القسامة فإنه يثبت باليمين المفردة ، وهو بعيد من سياقه لكن يرد عليه أن اليمين في الجراح كلها متعددة على الأظهر ولا توزع على مقدار الدية ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإنما وجب في السرقة بها ) أي بالناقصة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              [ ص: 60 ] فصل فيما يثبت به موجب القود )

                                                                                                                              ( قوله : فيما يثبت ) إلى قول المتن وليصرح في النهاية وكذا في المغني إلا قوله مفردة أو متعددة ( قوله : بسبب الجناية ) قيد في موجب المال ليخرج موجب المال لا بسبب الجناية كالبيع مثلا لكنه يدخل المال الواجب بالجناية على المال ، وهو غير مراد فكان ينبغي زيادة : على البدن أو نحو ذلك ا هـ رشيدي ( قوله : وأكثره ) أي أكثر ما في هذا الفصل ( قوله : وقدم ) أي المصنف هذا الفصل ( قوله : من قتل إلخ ) بيان لموجب القصاص ( قوله : أو جرح ) بفتح الجيم مصدر وأما بالضم فهو الأثر الحاصل به وقوله أو إزالة أي لمعنى من المعاني كالسمع والبصر ا هـ ع ش ( قوله : صحيح ) احترز به عن إقرار الصبي والمجنون ا هـ ع ش ( قوله : أو بعلم القاضي ) أي حيث ساغ له القضاء بعلمه بأن كان مجتهدا ا هـ ع ش هذا على مختار النهاية ويأتي في الشارح خلافه ( قوله : كما يعلمان إلخ ) جواب عن إيراد علم القاضي ويمين الرد على حصر المصنف وحاصله أنه سكت عنهما هنا اتكالا على علمهما مما سيذكره ( قوله : على أن الأخير ) أي اليمين المردودة وقوله وما قبله إلخ أي علم القاضي أي فلا يردان على حصر المصنف ( قوله : فلا يرد عليه ) وجه وروده أنه ذكر أن موجب القصاص يثبت بالإقرار أو البينة مع أن السحر لا يثبت إلا بالإقرار خاصة وحاصل الجواب أنه إنما لم يتعرض له هنا لأنه سيذكره ا هـ رشيدي ( قوله : مما مر ) أي من قتل أو جرح أو إزالة ( قوله : وما في معناهما ) ، وهو علم القاضي واليمين المردودة ا هـع ش ( قوله : كما مر آنفا ) انظر أين مر ذلك بالنسبة للمفردة والذي مر يعلم منه أن جميع أيمان الدم متعددة رشيدي وسم وسلطان ( قوله : مما قدمه ) أي في قوله ويجب بالقسامة إلخ ( قوله : وشرط ثبوته ) أي المال وقوله بالحجة الناقصة ، وهي رجل وامرأتان أو رجل ويمين ا هـ ع ش ( قوله : به ) أي المال ( قوله : وإلا ) أي بأن ادعى القود وأقام الحجة الناقصة .

                                                                                                                              ( قوله : لم يثبت المال إلخ ) بل لا يصح دعوى القود أصلا كما هو الموجود في كلامهم وكما يعلم من قول المصنف بعد ولو عفا عن القصاص إلخ خلافا لما يوهمه كلام الشارح قال الرشيدي وفيه تأمل ( قوله : بها ) أي بالحجة الناقصة لكنها تثبت بها اللوث وقوله وإنما وجب أي المال وقوله بها أي بالحجة الناقصة ا هـ ع ش ( قوله : لأنها ) أي السرقة يعني إقامة الحجة الناقصة فيها ( قوله : توجبهما ) أي المال والقطع وأجيب عن ذلك أيضا بأن المال هنا بدل عن القود وأما المال والقطع فكل منهما حق متأصل لا بدل كما يفيده قوله : ؛ لأنها توجبهما ا هـ ع ش ( قوله : غير المدعى ) بفتح العين أي غير المدعى به ( قوله : المستحق ) أي مستحق قصاص في جناية توجبه ا هـ مغني ( قوله : قبل الدعوى إلخ ) وقوله على مال متعلقان بعفا ( قوله : ويمين ) أي خمسون ا هـ ع ش ( قول المتن لم يقبل إلخ ) أي لم يحكم له بذلك فلو أقام بينة بعد عفوه بالجناية المذكورة هل يثبت القصاص ؛ لأن العفو غير معتبر أولا ؛ لأنه أسقط حقه لم أر من تعرض له والظاهر الأول ا هـ مغني ( قوله : إلا بعد ثبوت القود ) أي ولم يثبت ( قوله : أما بعدهما إلخ ) أي بعد الدعوى والشهادة عبارة المغني أما لو ادعى العمد وأقام رجلا وامرأتين ثم عفا عن القصاص على مال وقصد الحكم له بتلك الشهادة لم يحكم له بها قطعا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فإذا اشتملت ) عبارة المغني وإذا اشتملت الجناية ا هـ بالواو ( قوله : لم يثبت ) الأولى التأنيث كما في المغني ( قوله : وبه ) أي باتحاد الجناية هنا ( قوله : مرق منه ) أي مر السهم من زيد ( قوله : فإن الثاني ) أي الخطأ الوارد على غير زيد ( قوله : ؛ لأنهما ) أي رمي زيد بسهم ومرورها منه إلى غيره ( قوله : في الأولى ) أي هاشمة قبلها إيضاح ، وهو راجع للمعطوف والمعطوف عليه معا ( قوله : بها ) أي بالحجة [ ص: 61 ] الناقصة ( قوله : وجوبا ) إلى قوله وما قيل في المغني إلا قوله ويكفي إلى المتن وإلى التنبيه في النهاية إلا قوله خلافا إلى المتن ( قول المتن بالمدعى ) بفتح العين أي المدعى به مغني ونهاية ( قوله : فمات مكانه ) لعل وجه الاكتفاء بذلك أن المتبادر منه أن موته بسبب الجناية وإلا فيحتمل مع ذلك أن موته بسبب آخر كسقوط جدار ومثل ذلك ما لو قال فمات حالا ا هـ ع ش ( قوله : وإن لم يذكر ضربا ولا جرحا ) أفاد الاقتصار على نفي ما ذكر أنه ذكر شروط الدعوى كقوله قتله عمدا أو خطأ إلى غير ذلك على ما مر في دعوى الدم والقسامة ا هـ ع ش ( قوله : بخلاف فسال دمه ) وقياس ما لو قال فمات مكانه أو حالا أنه لو قال هنا فسال دمه مكانه أو حالا قبلت ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية