الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ولقد كان منهم من يقطعون الطريق، ويحاربون أمن الناس، ومنهم من كان يمنع الذين يريدون أن يستمعوا إلى شعيب، وكان منهم المكاسون الذين يفرضون من أنفسهم ضرائب على الناس ليمروهم إلى مأمنهم، ففي سبيل منع الفساد والتهيئة للقضاء على المفسدين قال لهم - عليه السلام: ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا .

                                                          "الصراط" الطريق المعبد المستقيم الذي يسير فيه السابلة وينتقلون فيه من مكان إلى مكان أو قرية إلى قرية أو مصر إلى مصر، لا تقعدوا فيه توعدون المارة، وتقطعون الطريق، وهذا هو القعود الحسي والمنع الحسي الواضح الأذى، وهناك منع معنوي، وهو ليس لمنع المارة وقتلهم أو سرقتهم، ولكنه للصد عن سبيل الله بمنع الناس من الإيمان بالله وحده، يصدون بهذا عن سبيل الله تعالى من آمن ويبغونها عوجا، أي: معوجة لا استقامة، وهم يغفلون الأمرين بكل صراط مستقيم، يقطعون السبيل على المارة، ويصدون عن سبيل الله.

                                                          ويصح أن يفسر "الإيعاد" بإيذاء المؤمنين وتعذيبهم أو التهديد بتعذيبهم، كما يتبين من بعد، وصد من آمن يراد به منع من هم بصدد الإيمان من أن يدخلوا فيه، وإيذاء من آمنوا، وإيعادهم بالعذاب الشديد، ويذكرهم بأمرين، بنعمة الله تعالى عليهم إذ كثر جمعهم بعد قلة، والثانية بعاقبة من أفسدوا من قوم نوح وعاد وثمود، فقال لهم: واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم أي جعلكم كثيرين، وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين الذين أفسدوا في دينهم، فأشركوا مع الله تعالى غيره، وأفسدوا [ ص: 2898 ] في جمعهم، فلم يوفوا الكيل والميزان، وبخسوا الناس أشياءهم وأكلوا أموالهم وظلموهم.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية