الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس [165]

                                                                                                                                                                                                                                        وفي هذا إحدى عشرة قراءة، وكان الإعراب أولى بذكرها؛ لما فيها من النحو، ولأنه لا يضبط مثلها إلا أهل الإعراب.

                                                                                                                                                                                                                                        قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي (بعذاب بئيس) على وزن فعيل.

                                                                                                                                                                                                                                        وقرأ أهل مكة (بعذاب بئيس) بكسر الباء، والوزن واحد.

                                                                                                                                                                                                                                        وقرأ أهل المدينة (بعذاب بيس) الباء مكسورة وبعدها ياء ساكنة، والسين مكسورة منونة.

                                                                                                                                                                                                                                        وقرأ الحسن (بعذاب بئس بما) الباء مكسورة، وبعدها همزة ساكنة، والسين مفتوحة.

                                                                                                                                                                                                                                        وقرأ أبو عبد الرحمن المقرئ (بعذاب بئس) الباء مفتوحة والهمزة مكسورة والسين مكسورة منونة.

                                                                                                                                                                                                                                        قال يعقوب القارئ : عن بعض القراء (بعذاب بئس) الباء مفتوحة والهمزة مكسورة والسين [ ص: 159 ] مفتوحة.

                                                                                                                                                                                                                                        وقرأ الأعمش (بعذاب بيئس) على فيعل، وروي عنه (بيأس) على فيعل، وروي عنه (بعذاب بئس) بباء مفتوحة وهمزة مشددة مكسورة، والسين في هذا كله مكسورة منونة، يعني قراءة الأعمش .

                                                                                                                                                                                                                                        وقرأ نصر بن عاصم (بعذاب بيس) الباء مفتوحة، وبعدها ياء مشددة بغير همز.

                                                                                                                                                                                                                                        قال يعقوب القارئ: وجاء عن بعض القراء (بعذاب بئيس) الباء مكسورة وبعدها همزة ساكنة وبعدها ياء مفتوحة.

                                                                                                                                                                                                                                        فهذه إحدى عشرة قراءة.

                                                                                                                                                                                                                                        ومن قرأ (بئيس) فهو عنده من بؤس فهو بئيس، أي اشتد، وكذا (بئيس) إلا أنه كسر الباء؛ لأن بعدها همزة مكسورة.

                                                                                                                                                                                                                                        وأما قراءة أهل المدينة ففيها ثلاثة أقوال:

                                                                                                                                                                                                                                        قال الكسائي في تقديرها (بئيس) ثم خففت الهمزة كما يعمل أهل المدينة، فاجتمعت ياءان، فثقل ذلك، فحذفوا إحداهما وألقوا حركتها على الباء، فصارت (بيس).

                                                                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن يزيد: الأصل (بئس) ثم كسرت الباء لكسرة الهمزة فصارت بئس، فحذفت الكسرة من الهمزة لثقلها. فهذان قولان.

                                                                                                                                                                                                                                        وقال علي بن سليمان : العرب تقول: جاء ببنات بيس أي بشيء رديء، فمعنى (بعذاب بيس) (بعذاب رديء).

                                                                                                                                                                                                                                        وأما قراءة الحسن فزعم أبو حاتم أنه لا وجه لها، قال: لأنه لا يقال: مررت برجل بئس، حتى يقال: بئس الرجل، وبئس رجلا.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : وهذا مردود من كلام أبي حاتم ، حكى النحويون: إن فعلت كذا وكذا فيها ونعمت، يريدون: ونعمت الخصلة، فالتقدير على قراءة الحسن: بعذاب بئس العذاب، وبعذاب (بئس) على (فعل) مثل (حذر).

                                                                                                                                                                                                                                        وقراءة الأعمش (بيئس) لا تجوز على قول البصريين؛ لأنه لا يجيء مثل هذا في كلام العرب إلا في المعتل المدغم، نحو: ميت وسيد.

                                                                                                                                                                                                                                        فأما (بيأس) فجائز عندهم؛ لأن مثله صيرف وحيدر.

                                                                                                                                                                                                                                        وأما (بئس) فلا يكاد يعرف مثله في الصفات، وأما (بيس) بغير همز فإنما يجيء في ذوات الياء [ ص: 160 ] نحو بيع، وأما (بيأس) فجائز، ومثله جذيم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية