الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[سؤال عن حراسة المكان وقت صلاة الجمعة]

سئل رضي الله عنه عن جماعة من الفقراء مقيمون في زاوية عليها طريق اللصوص، وقد اعتادوا في يوم الجمعة أن يجعلوا منهم شخصا يحرس المكان، حيث دخل عليهم اللصوص مرة في يوم الجمعة، والمكان له أبواب جوانية، لكن يغلب على الظن إذا صاروا في ساحة المكان، واستتروا بحيطان الساحة عن العيون أن لا يعسر عليهم فك الأقفال وقلع الأبواب وغير ذلك. فهل هذا العذر من غلبة الظن كاف في جواز ترك الجمعة لذلك الحارس أم لا؟

وهل يحصل للحارس احتسابا ما يحصل للحارس بحاضري الجمعة من الفضل العظيم، ولا يفوت من ذلك عليه شيء أم لا؟

وكيف الحكم إذا لم يتبرع أحد بالحراسة وهناك حوائج للمكان وحوائج مشتركة لا بد من حراستها، هل يجعل لكل شخص نوبة أم يقرع بينهم؟

وإذا سامحوا شخصا بأن لا حراسة عليه، هل يجوز له أن يؤثر إخوانه بفضيلة الجمعة ويتبرع هو بالحراسة، قصده بذلك أن لا يوافقهم إذا جاءتهم النوبة مع شدة اعتنائه بفضيلة الجمعة والاغتباط بها؟ ثم هل يحصل له أجر الجمعة بكمالها أم لا؟ أفتونا مأجورين. [ ص: 488 ]

أجاب رضي الله عنه:

نعم ذلك عذر في حراسة بعضهم وترك الجمعة إذا لم يمكن أن يحرسه من لا تجب عليه الجمعة، وإن كان الحارس ونحوه ممن ترك الجمعة لعذر، نيته أن يحضرها لولا العذر فله ما نواه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم» قالوا: وهم بالمدينة؟ قال: « وهم بالمدينة حبسهم العذر».

والسنة في مثل هذا أن يتناوب الجماعة الحراسة كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناوبون رعية الإبل، مع أن راعيها قد يفوته الجماعة والجمعة.

والأفضل لكل منهم -والحال هذه- أن يحرس ولا يتخير على أصحابه، وأجره على قدر نيته. والله سبحانه أعلم.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية