الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ويؤكد لهم شعيب أن مطلبهم العود لن يكون أبدا، فمهما حاولتم الإيذاء والتهديد فيقول - عليه السلام - لهم: قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها "قد" هنا للتحقيق كما هي في كل استعمالات القرآن الكريم، سواء أدخلت على فعل ماض أم دخلت على فعل مستقبل افترينا على الله كذبا أن نعود إلى ملتكم، أي: كذبنا على الله تعالى كذبا مقصودا متعمدا إذا عرفنا الحق واعتنقناه ثم كفرناه، وأكد - عليه السلام - هذا المعنى بقوله: بعد إذ نجانا الله منها أي: بعد نجاتنا، وإخراجنا من الضلال إلى نور الهداية، ثم قال - عليه السلام - مؤكدا عدم العود: وما يكون لنا أن نعود فيها أي ليس لنا بعد أن [ ص: 2900 ] رأينا النور وسرنا فيه أن نعود إلى الظلمة إلا أن يشاء الله ربنا أي: إلا أن يريد ربنا وخالقنا لنا الضلالة بعد الهداية، ويكون ذلك بعمل منا، ثم صرح - عليه السلام - بالتفويض لله تعالى فقال: وسع ربنا كل شيء علما وعلما هنا تمييز محول عن مفعول، ومعناه: وسع ربنا علم كل شيء، فهو يعلم ما كان وما يكون، وما هو كائن ثابت، ولذا لا يتوكل إلا على الله على الله توكلنا وذلك رد لتهديدهم بالإخراج، فالله ربنا عليه توكلنا، ولن يغلبه تهديدكم، فإذا كنتم تستعينون بجبروتكم وكبريائكم وغطرستكم فنحن نعتمد على الله، ومع ذلك تذهب رحمة النبوة إلى تجنب العداوة والاتجاه إلى الله تعالى الذي يعلم الحق كله: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق أي افصل بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية