الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في غلة الحيوان والشجر والعبيد]

                                                                                                                                                                                        واختلف في غلة الحيوان والشجر والعبيد ، فقال مالك وابن القاسم : الغلات بينهما; لأن الضمان منهما. وقال عبد الملك بن الماجشون : الغلة للزوجة; لأنه يوم اغتلته ملك لها، وإن هلك كان منها . يريد أنه يبني بها. وهو أحسن; لأنها مالكة لجميعه حقيقة إلى يوم الطلاق، والرجوع بعد الطلاق شرع، فمن يوم الطلاق يملك الزوج النصف.

                                                                                                                                                                                        وإن كان الصداق عينا، فاشترت به ما العادة أنه يشترى به، فأغل غلة - كان على الخلاف المتقدم; لأن ذلك المشترى لو هلك لكان منهما. وإن اشترت ما ليس العادة أن يصرف الصداق فيه; كانت الغلة لها، وإن هلك ضمنته. ولو أراد الزوج أخذه; لم يكن ذلك له، والنفقة تابعة للغلة.

                                                                                                                                                                                        فعلى القول الأول ترجع الزوجة بنصف النفقة ، ما لم تكن أكثر من نصف الغلة. وقال عبد الملك بن حبيب : ترجع بما أنفقت على الثمرة، ولا ترجع بما أنفقت على العبد، وترد نصف الغلة، ولا شيء لها من النفقة . ولا وجه لهذا. [ ص: 1967 ]

                                                                                                                                                                                        وعلى قول ابن الماجشون : لا ترجع بالنفقة; لأنها لا ترد الغلة. ويختلف إذا كان صغيرا لا غلة له أو دابة لا تركب أو شجرة لا تطعم ، فانتقل كل ذلك بنفقة الزوجة ، ولم تأخذ غلة: هل للزوج نصف ذلك ويدفع النفقة، أو يكون فوتا؟ فعلى قول ابن مسلمة يكون فوتا، ويأخذ قيمة نصيبه يوم قبضته ; لأنه قال فيمن استحق صغيرا بعدما كبر عند المشتري وأنفق عليه: ليس له أن يأخذه، وإنما له قيمته يوم كان اشتراه. فالزوج أبين ألا يرجع فيه ; لأنه وضع يدها عليه.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا أنفقت في صناعة علمتها للغلام، أو الجارية، فارتفع ثمنها لذلك، فقال محمد : لا شيء على الزوج . وقال مالك في المبسوط: لها أن ترجع عليه بنصف ذلك.

                                                                                                                                                                                        وأرى لها الأقل من نصف ما أنفقت، أو نصف ما زاد ثمنها.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد فيما اغتلت ، فهلك بيدها من غير سببها: لم تضمنه، وهي مصدقة مع يمينها إن أخذت في الغلة حيوانا ، ولا تصدق في هلاك العين إلا ببينة . [ ص: 1968 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية