الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ تيز ]

                                                          تيز : التياز : الرجل الملزز المفاصل الذي يتتيز في مشيته لأنه يتقلع من الأرض تقلعا ، وأنشد :

                                                          تيازة في مشيها قناخره .

                                                          الفراء : رجل تياز كثير العضل ، وهو اللحم . وتاز يتوز توزا ويتيز تيزا إذا غلظ ، وأنشد :


                                                          تسوى على غسن فتاز خصيلها .



                                                          قال : فمن جعل تاز من يتيز جعل التياز فعالا ، ومن جعله من يتوز جعله فيعالا كالقيام والديار من قام ودار . وقوله تاز خصيلها أي : غلظ . وتاز السهم في الرمية أي : اهتز فيها . وتتيز في مشيته : تقلع . والتياز من الرجال : القصير الغليظ الملزز الخلق الشديد العضل مع كثرة لحم فيها . ويقال للرجل إذا كان فيه غلظ وشدة : تياز ، قال القطامي يصف بكرة اقتضبها وقد أحسن القيام عليها إلى أن قويت وسمنت وصارت بحيث لا يقدر على ركوبها لقوتها وعزة نفسها :


                                                          فلما أن جرى سمن عليها     كما بطنت بالفدن السياعا
                                                          أمرت بها الرجال ليأخذوها     ونحن نظن أن لا تستطاعا
                                                          إذا التياز ذو العضلات قلنا :     إليك إليك ! ضاق بها ذراعا .



                                                          قال ابن بري : هكذا أنشده الجوهري وغيره إليك إليك وفسر في شعره أن إليك بمعنى خذها لتركبها وتروضها ، قال : وهذا فيه إشكال ؛ لأن سيبويه وجميع البصريين ذهبوا إلى أن إليك بمعنى تنح وأنها غير متعدية إلى مفعول ، وعلى ما فسروه في البيت يقضي أنها متعدية ؛ لأنهم جعلوها بمعنى خذها ، قال : ورواه أبو عمرو الشيباني لديك لديك عوضا من إليك إليك ، قال : وهذا أشبه بكلام العرب وقول النحويين ؛ لأن لديك بمعنى عندك ، وعندك في الإغراء تكون متعدية ، كقولك : عندك زيدا أي : خذ زيدا من عندك ، وقد تكون أيضا غير متعدية بمعنى تأخر فتكون خلاف فرطك التي بمعنى تقدم ، فعلى هذا يصح أن تقول لديك زيدا بمعنى خذه . وقوله : ذو العضلات أي : ذو اللحمات الغليظة الشديدة ، وكل لحمة غليظة شديدة في ساق أو غيره فهي عضلة ، وإذا في البيت داخلة على جملة ابتدائية ؛ لأن التياز مبتدأ ، وقلنا خبره ، والعائد محذوف تقديره قلنا له ، وضاق بها ذراعا جواب إذا ، قال : ومثله قول الآخر :


                                                          وهلا أعدوني لمثلي تفاقدوا     إذا الخصم أبزى مائل الرأس أنكب .



                                                          وقوله : كما بطنت بالفدن السياعا ، قال : الفدن القصر ، والسياع : الطين ، قال : وهذا من المقلوب ، أراد كما يطين بالسياع الفدن ، قال : ومثله قول خفاف بن ندبة :


                                                          كنواح ريش حمامة نجدية     ومسحت باللثتين عصف الإثمد .



                                                          وعصف الإثمد : غباره . تقديره : ومسحت بعصف الإثمد اللثتين ، [ ص: 250 ] قال : ومثله لعروة بن الورد :


                                                          فديت بنفسه نفسي ومالي     وما آلوك إلا ما أطيق .



                                                          أي : فديت بنفسي ومالي نفسه ، قال : وقد حمل بعضهم قوله - سبحانه وتعالى - : وامسحوا برءوسكم ، على القلب ؛ لأنه قدر في الآية مفعولا محذوفا تقديره وامسحوا برءوسكم الماء ، والتقدير عنده وامسحوا بالماء رءوسكم فيكون مقلوبا ، ولا يجعل الباء زائدة كما يذهب إليه الأكثر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية