الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى لما ذكر من قبل حال من يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته ، وهم الكفار الذين كذبوا بالدلالة والأنبياء وعدلوا عنها ، أتبعه الله تعالى بذكر السبب الذي لأجله كانت هذه طريقتهم فقال : ( زين للذين كفروا الحياة الدنيا ) ومحصول هذا الكلام تعريف المؤمنين ضعف عقول الكفار والمشركين في ترجيح الفاني من زينة الدنيا على الباقي من درجات الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                            وفي الآية مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : إنما لم يقل : ( زينت ) لوجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها وهو قول الفراء : أن الحياة والإحياء واحد ، فإن أنث فعلى اللفظ ، وإن ذكر فعلى المعنى كقوله : ( فمن جاءه موعظة من ربه ) [البقرة : 275] ، ( وأخذ الذين ظلموا الصيحة ) [هود : 67] .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : وهو قول الزجاج أن تأنيث الحياة ليس بحقيقي ; لأنه ليس حيوانا بإزائه ذكر ، مثل امرأة ورجل ، وناقة وجمل ، بل معنى الحياة والعيش والبقاء واحد ، فكأنه قال : زين للذين كفروا الحياة الدنيا والبقاء .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها وهو قول ابن الأنباري : إنما لم يقل : زينت ; لأنه فصل بين زين وبين الحياة الدنيا بقوله : ( للذين كفروا ) وإذا فصل بين فعل المؤنث وبين الاسم بفاصل ، حسن تذكير الفعل ; لأن الفاصل يغني عن تاء التأنيث .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية