الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2170 ( باب قول الله تعالى : والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان معنى قول الله تعالى ( والذين عقدت أيمانكم ) ، وكأنه أشار بهذه الترجمة إلى أن الكفالة التزام بغير عوض تطوعا ، فتلزم كما لزم استحقاق الميراث بالحلف الذي وجد على وجه التطوع ، وأول الآية ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبو صالح ، وقتادة ، وزيد بن أسلم ، والسدي ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان : ولكل جعلنا موالي أي ورثة ، وعن ابن عباس في رواية : أي عصبة ، وقال ابن جرير : العرب تسمي ابن العم مولى ، وقال الزجاج : المولى كل من يليك وكل من والاك في محبة فهو مولى لك ، قلت : لفظ المولى مشترك يطلق على معان كثيرة ، يطلق على المنعم ، والمعتق ، والمعتق ، والجار ، والناصر ، والصهر ، والرب ، والتابع ، وزاد ابن الباقلاني في ( مناقب الأئمة ) : المكان والقرار ، وأما بمعنى الولي فكثير ، ولا يعرف في اللغة بمعنى الإمام .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( والذين عاقدت أيمانكم ) قال البخاري في التفسير : عاقدت هو مولى اليمين ، وهو الحلف ، وذكر ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب والحسن البصري وجماعة آخرين : أنهم الحلفاء ، وقال عبد الرزاق : أنبأنا الثوري عن منصور عن مجاهد في قوله ( والذين عقدت أيمانكم ) قال : كان هذا حلفا في الجاهلية ، قوله : ( عاقدت ) من المعاقدة ، مفاعلة من عقد الحلف ، وقرئ عقدت ، هو حلف الجاهلية كانوا يتوارثون به ، ونسخ بآية المواريث ، وفي ( تفسير ) عبد بن حميد من حديث موسى بن عبيدة عن عبد الله بن عبيدة : العقد خمسة ، عقدة النكاح ، وعقدة الشريك لا يخونه ولا يظلمه ، وعقدة البيع ، وعقدة العهد ، قال الله - عز وجل - : أوفوا بالعقود وعقدة الحلف ، قال الله - عز وجل - : ( والذين عقدت أيمانكم ) ، وفي ( تفسير ) مقاتل : كان الرجل يرغب في الرجل فيحالفه ويعاقده على أن يكون معه وله من ميراثه كبعض ولده ، فلما نزلت آية المواريث جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك ، فنزلت ( والذين عقدت أيمانكم ) الآية ، يعني أعطوهم الذي سميتم له من المواريث ، وعن عكرمة ( والذين عقدت أيمانكم ) الآية ، كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما [ ص: 118 ] الآخر ، فنسخ ذلك في الأنفال وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ، وفي رواية أحمد أنها نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن - رضي الله تعالى عنهما - حين أبى الإسلام ، فحلف أبو بكر أن لا يورثه ، فلما أسلم أمره الله - عز وجل - أن يورثه نصيبه ، وقال أبو جعفر النحاس : الذي يجب أن يحمل عليه حديث ابن عباس المذكور في الباب أن يكون : ولكل جعلنا موالي ، ناسخا لما كانوا يفعلونه ، وأن يكون : والذين عاقدت أيمانكم ، غير ناسخ ولا منسوخ ، وقال الحسن وقتادة : أنها منسوخة ، ومثله يروى عن ابن عباس ، وممن قال أنها محكمة مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وبه قال أبو حنيفة ، وقال : هذا الحكم باق غير منسوخ ، وجمع بين الآيتين ، بأن جعل أولي الأرحام أولى من أولياء المعاقدة ، فإذا فقد ذوو الأرحام ورث المعاقدون ، وكانوا أحق به من بيت المال ، قوله : " إن الله كان على كل شيء شهيدا يعني أن الله شاهد بينكم في تلك العهود والمعاقدات ولا تنشؤا بعد نزول هذه الآية معاقدة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية