الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين الهبوط بضم الهاء: الانحدار من علو ، وبفتح الهاء: المكان الذي يهبط فيه ، وإلى من انصرف هذا الخطاب؟ فيه ستة أقوال . أحدها: أنه انصرف إلى آدم وحواء والحية ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني: إلى آدم وحواء وإبليس والحية ، حكاه السدي عن ابن عباس . والثالث: إلى آدم وإبليس ، قاله مجاهد . والرابع: إلى آدم وحواء وإبليس ، قاله مقاتل . والخامس: إلى آدم وحواء وذريتهما ، قاله الفراء . والسادس: إلى آدم وحواء فحسب ، ويكون لفظ الجمع واقعا على التثنية ، كقوله: وكنا لحكمهم شاهدين [ الأنبياء: 78 ] ذكره ابن الأنباري ، وهو العلة في قول مجاهد أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                      واختلف العلماء: هل أهبطوا جملة أو متفرقين؟ على قولين .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنهم أهبطوا جملة ، لكنهم نزلوا في بلاد متفرقة ، قاله كعب ، ووهب .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنهم أهبطوا متفرقين ، فهبط إبليس قبل آدم ، وهبط آدم بالهند ، وحواء بجدة ، وإبليس بالأبلة ، قاله مقاتل . وروي عن ابن عباس أنه قال: أهبطت الحية بنصيبين ، قال: وأمر الله تعالى جبريل بإخراج آدم ، فقبض على ناصيته وخلصه من الشجرة التي قبضت عليه ، فقال: أيها الملك ارفق بي . قال جبريل: إني لا أرفق بمن عصى الله ، فارتعد آدم واضطرب ، وذهب كلامه ، وجبريل يعاتبه في معصيته ، ويعدد نعم الله عليه ، قال: [ ص: 69 ] وأدخل الجنة ضحوة ، واخرج منها بين الصلاتين ، فمكث فيها نصف يوم ، خمسمائة عام مما يعد أهل الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي العداوة المذكورة هاهنا ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أن ذرية بعضهم أعداء لبعض ، قاله مجاهد . والثاني: أن إبليس عدو لآدم وحواء ، وهما له عدو ، قاله مقاتل . والثالث: أن إبليس عدو للمؤمنين ، وهم أعداؤه ، قاله الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي المستقر قولان . أحدهما: أن المراد به القبور ، حكاه السدي عن ابن عباس . والثاني: موضع الاستقرار ، قاله أبو العالية ، وابن زيد ، والزجاج ، وابن قتيبة ، وهو أصح .

                                                                                                                                                                                                                                      والمتاع: المنفعة . والحين: الزمان: قال ابن عباس: (إلى حين) ، أي: إلى فناء الأجل بالموت .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية