الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    كشف المعاني في المتشابه من المثاني

                                                                                                                                                                    ابن جماعة - بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة

                                                                                                                                                                    98 - مسألة :

                                                                                                                                                                    قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل الآية.

                                                                                                                                                                    [ ص: 144 ] وفي الأنعام: ومن ذريته داود وسليمان الآيات.

                                                                                                                                                                    رتبهم هنا غير ترتيبهم في الأنعام؟

                                                                                                                                                                    جوابه:

                                                                                                                                                                    أن آية النساء نزلت ردا إلى قوله تعالى: يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا وهذا على قول المشركين حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه فبين هنا أنه ليس كل الأنبياء أنزل عليهم كتابا، بل بعضهم بوحي، وبعضهم بكتب، وبعضهم بصحف، فقدم نوحا لعدم كتاب نزل عليه مع نبوته، وأجمل النبيين من بعده، ثم فصلهم: فقدم إبراهيم لإنزال صحفه، وتلاه بمن لا كتاب له، ثم قدم عيسى للإنجيل، ثم تلاه بمن لا كتاب له، وهم: أيوب ومن بعده، ثم قدم داود وزبوره، وتلاه بمن لا كتاب له ممن قصهم أو لم يقصهم، ثم ذكر موسى لبيان أن تشريفه للأنبياء ليس بالكتب، ولذلك خص بعضهم بما شاء من أنواع الكرامات إما بتكليم أو إسراء، أو إنزال كتاب، أو صحيفة، أو وحي على ما يشاء، فناسب هذا الترتيب ما تقدم.

                                                                                                                                                                    أما آيات الأنعام: فساقها في سياق نعمه على إبراهيم ومن ذكره من ذريته، ففرق بين كل اثنين منهم بما اتفق لهما من [ ص: 145 ] وصف خاص بهما.

                                                                                                                                                                    فداود وسليمان بالملك والنبوة، وأيوب ويوسف بنجاتهم من الابتلاء؛ ذاك بالمرض وهذا بالسجن، وموسى وهارون بالأخوة والنبوة، وزكريا ويحيى بالشهادة، وعيسى وإلياس بالسياحة، وإسماعيل واليسع بصدق الوعد، ويونس ولوط بخروج كل واحد منهما من قرية من بعث إليه، ونجاة يونس من الحوت، ولوط من هلاك قومه، والله أعلم.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية