الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثالث : فيمن يتعين عليه الاجتهاد .

                                                                                                                أفتى أصحابنا رضي الله عنهم بأن العلم على قسمين : فرض عين ، وفرض كفاية ، وحكى الشافعي في رسالته ، والغزالي في إحياء علوم الدين الإجماع على ذلك .

                                                                                                                ففرض العين الواجب على كل أحد هو علمه بحالته التي هو فيها مثاله : رجل أسلم ، ودخل في وقت الصلاة ، فيجب عليه أن يتعلم الوضوء ، والصلاة .

                                                                                                                فإن أراد أن يشتري طعاما لغذائه قلنا : يجب عليه أن يتعلم ما يعتمده في ذلك ، أو أراد الزواج وجب عليه أن يتعلم ما يعتمده في ذلك ، أو إن أراد أن يؤدي شهادة ، فيجب عليه أن يتعلم شروط التحمل والأداء .

                                                                                                                فإن أراد أن يصرف ذهبا ، فيجب عليه أن يتعلم حكم الصرف .

                                                                                                                فكل حالة يتصف بها يجب عليه أن يعلم حكم الله تعالى عليه فيها .

                                                                                                                فعلى هذا لا ينحصر فرض العين في العبادات ، ولا في باب من أبواب الفقه كما يعتقد كثير من الأغبياء .

                                                                                                                وعلى هذا القسم يحمل قوله صلى الله عليه وسلم : طلب العلم فريضة على كل مسلم .

                                                                                                                فمن توجهت عليه حالة فعلم وعمل بمقتضى علمه ، فقد أطاع الله تعالى طاعتين ، ومن لم يعلم ولم يعمل ، فقد عصى الله معصيتين ، ومن علم ، ولم يعمل ، فقد أطاع الله طاعة ، وعصى الله معصية .

                                                                                                                ففي هذا المقام يكون العالم خيرا من الجاهل .

                                                                                                                والمقام الذي يكون الجاهل فيه خيرا من العالم : من شرب خمرا يعلمه ، وشربه آخر يجهله ، فإن العالم يأثم بخلاف الجاهل ، فهو أحسن حالا من العالم .

                                                                                                                [ ص: 144 ] وكذلك من اتسع في العلم باعه تعظم مؤاخذته لعلو منزلته بخلاف الجاهل ، فهو أسعد حالا من العالم في هذين الوجهين .

                                                                                                                وأما فرض الكفاية ، فهو العلم الذي لا يتعلق بحالة الإنسان ، فيجب على الأمة أن يكون منهم طائفة يتفقهون في الدين ليكونوا قدوة للمسلمين حفظا للشرع من الضياع .

                                                                                                                والذي يتعين لهذا من الناس من جاد حفظه ، وحسن إدراكه ، وطابت سجيته وسريرته ، ومن لا فلا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية