الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ تيع ]

                                                          تيع : التيع : ما يسيل على وجه الأرض من جمد ذائب ونحوه ، وشيء تائع مائع . وتاع الماء يتيع تيعا وتوعا ، الأخيرة نادرة ، وتتيع كلاهما : انبسط على وجه الأرض . وأتاع الرجل إتاعة ، فهو متيع : قاء . وأتاع قيأه وأتاع دمه فتاع يتيع تيوعا . وتاع القيء يتيع توعا أي : خرج ، والقيء متاع ، قال القطامي وذكر الجراحات :


                                                          فظلت تعبط الأيدي كلوما تمج عروقها علقا متاعا .



                                                          وتاع السنبل : يبس بعضه وبعضه رطب ، والريح تتايع باليبيس ، قال أبو ذؤيب يذكر عقره ناقة وأنها كاست فخرت على رأسها :


                                                          ومفرهة عنس قدرت لساقها     فخرت ، كما تتايع الريح بالقفل .



                                                          قال الأزهري : يقال اتايعت الريح بورق الشجر إذا ذهبت به ، وأصله تتايعت به . والقفل : ما يبس من الشجر . والتتايع في الشيء وعلى الشيء : التهافت فيه والمتايعة عليه والإسراع إليه . يقال : تتايعوا في الشر إذا تهافتوا وسارعوا إليه . والسكران يتتايع أي : يرمي بنفسه . وفي حديثه - صلى الله عليه وسلم - : " ما يحملكم على أن تتايعوا في الكذب كما يتتايع الفراش في النار ؟ " التتايع : الوقوع في الشر من غير فكرة ولا روية والمتايعة عليه ، ولا يكون في الخير . ويقال في التتايع : إنه اللجاجة ، قال الأزهري : ولم نسمع التتايع في الخير وإنما سمعناه في الشر . والتتايع : التهافت في الشر واللجاج ولا يكون التتايع إلا في الشر ، ومنه قول الحسن بن علي - رضوان الله عليهما - : إن عليا أراد أمرا فتايعت عليه الأمور فلم يجد منزعا ، يعني في أمر الجمل . وفلان تيع ومتتيع أي : سريع إلى الشر ، وقيل : التتايع في الشر كالتتابع في الخير . وتتايع الرجل : رمى بنفسه في الأمر سريعا . وتتايع الحيران : رمى بنفسه في الأمر سريعا من غير تثبت . وفي الحديث : لما نزل قوله - تعالى - : والمحصنات من النساء ، قال سعد بن عبادة : إن رأى رجل مع امرأته رجلا فيقتله تقتلونه ، وإن أخبر يجلد ثمانين جلدة ، أفلا نضربه بالسيف ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " كفى بالسيف شا " ، أراد أن يقول شاهدا فأمسك ثم قال : " لولا أن يتتايع فيه الغيران والسكران " ، وجواب لولا محذوف أراد لولا تهافت الغيران والسكران في القتل لتممت على جعله شاهدا أو لحكمت بذلك ، وقوله : لولا أن يتتايع فيه الغيران والسكران أي : يتهافت ويقع فيه . وقال ابن شميل : التتايع ركوب الأمر على خلاف الناس . وتتايع الجمل في مشيه في الحر إذا حرك ألواحه حتى يكاد ينفك . والتيعة ، بالكسر : الأربعون من غنم الصدقة ، وقيل : التيعة الأربعون من الغنم من غير أن يخص بصدقة ولا غيرها . وفي الحديث : أنه كتب لوائل بن حجر كتابا فيه على [ ص: 251 ] التيعة شاة والتيمة لصاحبها ، قال الأزهري : قال أبو عبيد : التيعة الأربعون من الغنم لم يزد على هذا التفسير ، والتيمة مذكورة في موضعها ، قال : والتيعة اسم لأدنى ما يجب فيه الزكاة من الحيوان ، وكأنها الجملة التي للسعاة عليها سبيل من تاع يتيع إذا ذهب إليه كالخمس من الإبل والأربعين من الغنم . وقال أبو سعيد الضرير : التيعة أدنى ما يجب من الصدقة كالأربعين فيها شاة وكخمس من الإبل فيها شاة ، وإنما تيع التيعة الحق الذي وجب للمصدق فيها ؛ لأنه لو رام أخذ شيء منها قبل أن يبلغ عددها ما يجب فيه التيعة لمنعه صاحب المال ، فلما وجب فيه الحق تاع إليه المصدق أي : عجل ، وتاع رب المال إلى إعطائه فجاد به ، قال : وأصله من التيع وهو القيء . يقال : أتاع قيأه فتاع . وحكى شمر عن ابن الأعرابي قال : التيعة لا أدري ما هي ، قال : وبلغنا عن الفراء أنه قال : التيعة من الشاء القطعة التي تجب فيها الصدقة ترعى حول البيوت . ابن شميل : التيع أن تأخذ الشيء بيدك ، يقال : تاع به يتيع تيعا وتيع به إذا أخذه بيده ، وأنشد :


                                                          أعطيتها عودا وتعت بتمرة     وخير المراغي قد علمنا ، قصارها .



                                                          قال : هذا رجل يزعم أنه أكل رغوة مع صاحبة له فقال : أعطيتها عودا تأكل به وتعت بتمرة أي : أخذتها آكل بها . والمرغاة : العود أو التمر أو الكسرة يرتغى بها ، وجمعه المراغي . قال الأزهري : رأيته بخط أبي الهيثم : وتعت بتمرة ، قال : ومثل ذلك وتيعت بها ، وأعطاني تمرة فتعت بها وأنا فيه واقف ، قال : وأعطاني فلان درهما فتعت به أي : أخذته ، الصواب بالعين غير معجمة . وقال الأزهري في آخر هذه الترجمة : اليتوعات كل بقلة أو ورقة إذا قطعت أو قطفت ظهر لها لبن أبيض يسيل منها مثل ورق التين ، وبقول أخر يقال لها : اليتوعات . حكى الأزهري عن ابن الأعرابي : تع تع إذا أمرته بالتواضع . وتتايع القوم في الأرض أي : تباعدوا فيها على عمى وشدة . قال ابن الأعرابي : التاعة الكتلة من اللباء الثخينة . وفي نوادر الأعراب : تتيع علي فلان ، وفلان تيعان وتيعان وتيحان وتيحان وتيع وتيح وتيقان وتيق مثله .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية