الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ حديث الزبير عن سبب الهزيمة ]

قال ابن إسحاق : ثم أنزل الله نصره على المسلمين وصدقهم وعده ، فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن العسكر ، وكانت الهزيمة لا شك فيها .

قال ابن إسحاق : وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه عباد ، عن عبد الله بن الزبير ، عن الزبير ، أنه قال : [ ص: 78 ] والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ، ما دون أخذهن قليل ولا كثير إذ مالت الرماة إلى العسكر ، حين كشفنا القوم عنه وخلوا ظهورنا للخيل ، فأتينا من خلفنا ، وصرخ صارخ : ألا إن محمدا قد قتل ؛ فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم

قال ابن هشام : الصارخ : أزب العقبة ، يعني الشيطان .

[ شجاعة صؤاب وشعر حسان في ذلك ]

قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم : أن اللواء لم يزل صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية ، فرفعته لقريش ، فلاثوا به . وكان اللواء مع صؤاب ، غلام لبني أبي طلحة ، حبشي وكان آخر من أخذه منهم ، فقاتل به حتى قطعت يداه ، ثم برك عليه ، فأخذ اللواء بصدره وعنقه حتى قتل عليه ، وهو يقول : اللهم هل أعزرت - يقول : أعذرت - فقال حسان بن ثابت في ذلك :


فخرتم باللواء وشر فخر لواء حين رد إلى صؤاب     جعلتم فخركم فيه بعبد
وألأم من يطا عفر التراب     ظننتم ، والسفيه له ظنون
وما إن ذاك من أمر الصواب     بأن جلادنا يوم التقينا
بمكة بيعكم حمر العياب     أقر العين أن عصبت يداه
وما إن تعصبان على خضاب



قال ابن هشام : آخرها بيتا يروى لأبي خراش الهذلي ، وأنشدنيه له خلف الأحمر : [ ص: 79 ]


أقر العين أن عصبت يداها     وما إن تعصبان على خضاب



في أبيات له ، يعني امرأته ، في غير حديث أحد . وتروى الأبيات أيضا لمعقل بن خويلد الهذلي .

التالي السابق


الخدمات العلمية