الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ومع توالي العبر ووقوع عذاب الله بالكافرين يفترون بالدنيا، ولا يحسبون حسابا لعذاب الله النازل بهم في الدنيا; ولذا قال تعالى: أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون .

                                                          "الفاء" عاطفة ترتب ما بعدها على ما قبلها، وهي داخلة على ألف الاستفهام، ولكن قدمت ألف الاستفهام؛ لأن الاستفهام له الصدارة، والاستفهام إنكاري لإنكار الوقوع، أي: ما آمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون.

                                                          إن الذين تأخذهم الدنيا بغرورها ينسون بأس الله تعالى، ولو كانوا يذكرونه ما غفلوا، وما نسوا أنه قادر على كل شيء، وفي أي وقت، فليس لهم أن يأمنوا أنهم مستمرون في غيهم من غير أن يبغتهم الله ببأس شديد.

                                                          فهذا الاستفهام تنديد لهم بفعلتهم، فهم لا يأمنون هذا، ولكن حالهم توهم أنهم أمنوا، فالله تعالى ينبههم إلى أنه أمان الغافل الذي لا يعرف أنه يعاند الله.

                                                          و بأسنا أي الشدة التي تنزل بهم عقابا على جحودهم، وعبرة لغيرهم تجيئهم ليلا، وتجيئهم ضحى، والله محيط بهم، وقوله تعالى: بياتا وهم نائمون يشير إلى أن بأس الله تعالى يأتيهم وهم في غفلتين:

                                                          غفلة الليل والبيات فيه حيث الأمن والدعة والقرار.

                                                          والغفلة الثانية: غفلة النوم حيث يكون النعاس قد غشيهم، وهم لا يفكرون فيما ارتكبوه من عناد وجحود لله تعالى الذي لا يغفل عنهم أبدا.

                                                          [ ص: 2909 ] فهل أمنوا هذا؟! وهم لا يملكون شيئا بجوار قدرة الله تعالى، وإذا كانوا لا يأمنون بأس الله بياتا فإنهم لا يأمنونه ضحى; ولذا قال تعالى:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية