الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              4538 4 - باب عفو النساء

                                                              541 \ 4372 وعن حصن، عن أبي سلمة، عن عائشة، رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : على المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول، وإن كانت امرأة

                                                              [ ص: 141 ] وأخرجه النسائي .

                                                              وحصن هذا قال أبو حاتم الرازي : لا أعلم روى عنه غير الأوزاعي، ولا أعلم أحدا نسبه. وقال غيره : حصن بن عبد الرحمن، ويقال: ابن محصن أبو حذيفة التراغمي، من أهل دمشق، روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، روى عنه الأوزاعي. وذكر له هذا الحديث.

                                                              قال أبو داود: " ينحجزوا " يكفوا عن القود.

                                                              وقيل: تفسيره أن يقتل رجل وله ورثة رجال ونساء، فأيهم عفا- وإن كانت امرأة- سقط القود وصار دية.

                                                              وقال الخطابي : يشبه أن يكون معنى المقتتلين هاهنا أن يطلب أولياء القتيل القود فيمتنع القتلة، فينشأ بينهم الحرب والقتال من أجل ذلك، فجعلهم مقتتلين لما ذكرناه، والله أعلم.

                                                              قال: ويحتمل أن تكون الرواية "المقتتلين " بنصب التاءين، يقال: اقتتل فهو مقتتل، غير أن هذا يستعمل أكثره فيمن قتله الحب .

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وليس في شيء من هذا ما يبين وجه الحديث.

                                                              [ ص: 142 ] وقد روى: " الأول فالأول "، وروي: " الأولى فالأولى " بفتح الهمزة، أي الأقرب فالأقرب، وهو أولى، وبه يتبين معنى الحديث.

                                                              وأصل الحجز: المنع، ومنه الحاجز بين الشيئين، " وينحجزوا " مطاوع حجزته فانحجز، وهو يدل على حاجز بينهم، وهو عفو من له الدم، فإنه إذا عفا وجب عليهم أن ينحجزوا; لأن صاحب الدم قد عفا، وهذا العفو [عن] الحق يستحقه الأولى فالأولى من المقتول، وإن كان امرأة، فإذا عفت وهي أولى بالمقتول، فقد حجز عفوها بينهم، ولا يجوز للرجال الأباعد بعد ذلك الطلب بدمه، وقد عفا عنه الأولى منهم.

                                                              فقد اتضح بحمد الله وجهه، وأسفر صبح معناه، وعلى هذا: فيكون " الأولى فالأولى " فاعل فعل دل عليه المذكور، أي يحجز بينهم الأولى فالأولى، وإن كان امرأة. وترجمة أبي داود تشعر بهذا، والله أعلم.




                                                              الخدمات العلمية