الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في مسائل منثورة تتعلق بالكتاب

                                                                                                                                                                        إحداها : حمال تعب بخشبة ، فأسندها إلى جدار رجل ، فإن لم يأذن مالكه ضمن الجدار إن وقع بإسناده ، وضمن ما تلف بوقوعه عليه . وإن وقعت الخشبة وأتلفت شيئا ، ضمن إن وقعت في الحال . وإن وقعت بعد ساعة ، لم يضمن . وإن كان الجدار له أو لغيره ، وقد أذن في إسنادها إليه ، فكذلك يفرق بين أن تقع الخشبة في الحال أو بعد ساعة ، كفتح رأس الزق .

                                                                                                                                                                        الثانية : غصب دارا فنقضها وأتلف النقض ، ضمن النقض وما نقص من قيمة العرصة . وهل يغرم أجرة مثلها دارا إلى وقت النقض ، أم إلى وقت الرد ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        الثالثة : غصب شاة وأنزى عليها فحلا ، فالولد للمغصوب منه . ولو غصب فحلا وأنزاه على شاته ، فالولد للغاصب ، ولا شيء عليه للإنزاء . فإن نقصت قيمته ، غرم الأرش ، وينبغي أن يخرج وجوب شيء للإنزاء على الخلاف في صحة الاستئجار له .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا التفريع ، لا بد منه ، وإنما فرعوه على الأصح . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        الرابعة : غصب جارية ناهدا فتدلى ثديها ، أو عبدا شابا فشاخ ، أو أمرد فالتحى ، ضمن النقصان .

                                                                                                                                                                        الخامس : غصب خشبة فاتخذ منها أبوابا وسمرها بمساميره . نزع المسامير ، فإن [ ص: 67 ] نقصت الأبواب به ضمن الأرش . ولو بدلها ففي إجبار المغصوب منه على قبولها وجهان سبق نظائرهما .

                                                                                                                                                                        السادسة : غصب ثوبا ونجسه ، أو تنجس عنده ، لا يجوز له تطهيره ، ولا للمالك أن يكلفه تطهيره . فإن غسله فنقص ضمن النقص . ولو رده نجسا ، فمؤنة التطهير على الغاصب . وكذا أرش النقص اللازم منه ، وتنجيس المائع الذي لا يمكن تطهيره إهلاك . وتنجيس الدهن مبني على إمكان تطهيره . إن جوزناه ، فهو كالثوب .

                                                                                                                                                                        السابعة : غصب من الغاصب ، فأبرأ المالك الأول عن ضمان الغصب صح الإبراء ، لأنه مطالب بقيمته فهو كدين عليه . وإن ملكه العين المغصوبة برئ ، وانقلب الضمان على الثاني حقا له . وإن باعه لغاصب الغاصب أو وهبه له وأذن في القبض برئ الأول . وإن أودعه عند الثاني وقلنا : يصير أمانة في يده برئ الأول أيضا . وإن رهنه عند الثاني ، لم يبرأ واحد منهما .

                                                                                                                                                                        الثامنة : إذا رد المغصوب إلى المالك أو وكيله ، أو وليه ، برئ . ولو رد الدابة إلى إصطبله ، قال المتولي : برئ أيضا إذا علم المالك به أو أخبره من يعتمد خبره ، ولا يبرأ قبل العلم والإخبار . ولو امتنع المالك من الاسترداد رفع الأمر إلى الحاكم .

                                                                                                                                                                        التاسعة : لو أبرأ المالك غاصب الغاصب عن الضمان ، برئ الأول ، لأن القرار على الثاني ، والأول كالضامن ، كذا قاله القفال وغيره ، وهذا إن كان بعد تلف المال فبين ، وإن كان قبله فيخرج على صحة إبراء الغاصب مع بقاء المال في يده ، وفيه خلاف سبق في كتاب الرهن ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                        [ ص: 68 ] قلت : لو غصب مسكا أو عنبرا أو غيرهما مما يقصد شمه ، ومكث عنده ، لزمه أجرته كالثوب والعبد ونحوهما .

                                                                                                                                                                        [ ولو طرح في المسجد غلة أو غيرها وأغلقه لزمه أجرة جميعه . وإن لم يغلقه ، لكن شغل زاوية منه ، لزمه أجرة ما شغله وممن صرح بالمسألة الغزالي في الفتاوى ، قال : وكما يضمن أجزاء المسجد بالإتلاف ، يضمن منفعته بإتلافها . والله أعلم . [ ص: 69 ]

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية