الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5822 [ ص: 591 ] 98 - باب: قول الرجل مرحبا

                                                                                                                                                                                                                              وقالت عائشة - رضي الله عنها - : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( لفاطمة عليها السلام) : "مرحبا بابنتي". وقالت أم هانئ: جئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مرحبا بأم هانئ" وقد سلفا.

                                                                                                                                                                                                                              6176 - حدثنا عمران بن ميسرة، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أبو التياح، عن أبي جمرة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما قدم وفد عبد القيس على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مرحبا بالوفد الذين جاءوا غير خزايا ولا ندامى". فقالوا: يا رسول الله، إنا حي من ربيعة وبيننا وبينك مضر، وإنا لا نصل إليك إلا في الشهر الحرام، فمرنا بأمر فصل ندخل به الجنة، وندعو به من وراءنا. فقال: " أربع وأربع: أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوم رمضان، وأعطوا خمس ما غنمتم، ولا تشربوا في الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت". [انظر: 53 - مسلم: 17 - فتح: 10 \ 562].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أبي التياح، عن أبي جمرة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما قدم وفد عبد القيس على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مرحبا بالوفد الذين جاءوا غير خزايا ولا ندامى" الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وأبو التياح: اسمه يزيد بن حميد الضبعي أبو حماد - من أنفسهم - البصري، مات سنة ثمان وعشرين ومائة، وقيل: سنة ثلاثين بسرخس. وأبو جمرة: اسمه نصر بن عمران الضبعي - بالجيم والراء - مات بسرخس أيضا في ولاية يوسف بن عمر بن يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم الثقفي على العراق، وكانت سنة عشرين ومائة إلى أن هرب إلى الشام في ولاية يزيد بن الوليد الناقص سنة ست وعشرين. وفي ربيعة بن نزار: ربيعة اثنان: أحدهما: ربيعة بن نزار

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 592 ] أخي أسد بن ربيعة، والثاني: ابن قيس بن ثعلبة. قال الأصمعي: معنى قوله: مرحبا لقيت رحبا وسعة. وقال الفراء: هو منصوب على المصدر وفيه معنى الدعاء. والرحب: السعة، وتقول العرب: مرحبا وأهلا وسهلا. أي: لقيت أهلا كأهلك، ولقيت سهلا أي: سهلت عليك أمورك.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: ("غير خزايا") أي: غير مخزيين ولا أذلاء بل مكرمين مرتضين. "ولا ندامى" غير نادمين بل مغتبطين فرحين بما أنعم الله عليهم من الإسلام وتصديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونصرته ودعاء قومهم إلى دينه.

                                                                                                                                                                                                                              وخزايا: جمع خزيان، كحيارى: جمع حيران، وندامى، ومراده جمع الواحد الذي هو نادم، ولكنه جاء هنا على غير قياس اتباعا لخزايا; لأن فاعلا لا تجمع على فعالى كقولهم: إني لآتيه بالغدايا والعشايا. قالوا: غدايا لما ضمت إلى العشايا.

                                                                                                                                                                                                                              وفي الحديث: "ارجعن مأزورات غير مأجورات" والأصل: موزورات وإنما يجمع على ندامى الندمان الذي هو النديم، وقال القزاز في "جامعه": يقال في النادم: ندمان، فعلى هذا يكون جاريا على الأصل لا على الاتباع. وقال ابن السكيت: خزي يخزى خزيا: إذا وقع في بلية. وقيل: معنى مستحين، يقال: خزي خزاية إذا استحيا ، وقال الداودي: هو جمع مخزى.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 593 ] وقال ابن التين: وليس ببين; لأن مفعلا لا يجمع على فعالى.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: جمع مخزى، وهو أيضا غير بين; لأن خزا ثلاثي غير متعد، ولا يبنى منه لما لم يسم فاعله، ولا يكون أيضا فعالى جمع مفعول.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (فقال: "أربع وأربع")، أي: الذي آمركم به أربع والذي أنهاكم عنه أربع.

                                                                                                                                                                                                                              و"الدباء": بالمد، وحكي القصر: القرعة، جمع: دباءة ممدود.

                                                                                                                                                                                                                              و"الحنتم" قال أبو عبيد: هي جرار خضر .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن حبيب: هي الجر، وهو كل ما كان من فخار أبيض وأخضر.

                                                                                                                                                                                                                              وأنكره بعض العلماء وقال: إنما الحنتم ما طلي بالحنتم المعمول من الزجاج وغيره، ويعجل الشدة في الشراب بخلاف ما لم يطل. وعلى هذا أهل اللغة.

                                                                                                                                                                                                                              و"النقير": أصل النخلة وهو منسوخ، خلافا لمالك، وقد سلف كله.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية