الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 240 ] فصل ( لا تجوز الهجرة بخبر الواحد عما يوجب الهجرة ) .

قال القاضي : ولا تجوز الهجرة بخبر الواحد بما توجب الهجرة نص عليه في رواية أبي مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان فقال : حدثني ابن مكرم الصفار حدثنا مثنى بن جامع الأنباري قال : ذكر أبو عبد الله هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني حديث المثنى { كان لا يأخذ بالقرف ولا يصدق أحدا على أحد } فقال : إلى هذا أذهب أنا أو هذا مذهبي ابن مكرم يشك وروى أبو مزاحم حدثني ابن مكرم حدثني الحسن بن الصباح البزار حدثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن جحادة عن الحسن قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأخذ بالقرف ولا يصدق أحدا على أحد } . فإن قيل لا يمتنع أن يهجر بخبر الواحد ; لأنه يكسب التهمة كما يجوز الحبس بالتهمة لخبر بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن { النبي صلى الله عليه وسلم أنه حبس في تهمة } .

وقد قال أحمد في رواية المروذي وحنبل { : حبس النبي صلى الله عليه وسلم في تهمة } . قيل : يحتمل أن يكون وجه الحديث أن رجلا ادعى على رجل حقا يتعلق بالمال وبالبدن ، وأقام شاهدين ظاهرهما العدالة ، ولم يعرف النبي صلى الله عليه وسلم عدالتهما في الباطن فحبس المشهود عليه ليسأل عن عدالتهما في الباطن ; لأن شهادتهما تهمة في حق المدعى عليه وهذا معدوم في مسألتنا انتهى كلام القاضي . وقد حمل بعض أصحابنا كلام أحمد على ظاهره في الحبس في تهمة فيتوجه عليه الهجر بخبر الواحد وفي المسألتين نظر والله أعلم .

والقرف التهمة يقال : قرفته بكذا إذا أضفته إليه وعبته واتهمته . وقد تقدم في أوائل الكتاب عند ذكر الغيبة إخبار ابن مسعود للنبي صلى الله عليه وسلم بالذي [ ص: 241 ] قال من الأنصار : إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله فيما رواه أبو داود والترمذي ، أظنه من حديث ابن مسعود ونظيره إخبار زيد بن أرقم للنبي عن كلام عبد الله بن أبي ، وهو في الصحيحين ، وفيه أنزلت سورة المنافقين ، وقال ابن عبد البر قال معاذ بن جبل : إذا كان لك أخ في الله تعالى فلا تماره ولا تسمع فيه من أحد ، فربما قال لك ما ليس فيه فحال بينك وبينه ، وقد قيل

: إن الوشاة كثير إن أطعتهم لا يرقبون بنا إلا ولا ذمما

الإل اختلف فيه ، واستشهد ابن الجوزي بهذا البيت على أنه القرابة وقيل أيضا :

لقد كذب الواشون ما بحت عندهم     بسر ولا راسلتهم برسول



أي : برسالة استشهد به ابن الجوزي في قوله تعالى : { فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين } المعنى إنا رسالة رب العالمين أي : ذوو رسالة رب العالمين هذا قول الزجاج .

وقال ابن قتيبة : الرسول يكون في معنى الجمع كقوله تعالى : { هؤلاء ضيفي } وقوله تعالى : { ثم يخرجكم طفلا } وروى الحاكم في تاريخه أن رجلا ذكر في مجلس مسلم بن قتيبة ، فتناوله بعض أهل المجلس ، فقال له سلم يا هذا أوحشتنا من نفسك ، وآيستنا من مودتك ، ودللتنا على عورتك سلم ثقة روى له البخاري توفي سنة مائتين .

[ ص: 242 ] فصل

من عنده سماع لمبتدع فطلبه دفعه إليه لعل الله ينقذ به . نقله عبد الله ، وحضر زنديق مجلس أبي عبد الله فقال له إسحاق بن إبراهيم بن هانئ : هذا عدو الله كبش الزنادقة ، فقال أبو عبد الله : من أمركم بهذا عمن أخذتم هذا ؟ دعوا الناس يأخذون العلم وينصرفون ، وقد تقدم ما يخالف هذا عن غير واحد من الأئمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية