الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة : قال في " التبيان " : إذا أرتج على القارئ فلم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه ، فسأل عنه غيره ، فينبغي أن يتأدب بما جاء عن ابن مسعود والنخعي وبشير بن أبي مسعود ، قالوا : إذا سأل أحدكم أخاه عن آية ، فليقرأ ما قبلها ثم يسكت ، ولا يقول كيف كذا [ ص: 356 ] وكذا ، فإنه يلبس عليه . انتهى .

وقال ابن مجاهد : إذا شك القارئ في حرف : هل بالتاء أو بالياء ؟ فليقرأه بالياء فإن القرآن مذكر . وإن شك في حرف : هل هو مهموز أو غير مهموز ؟ فليترك الهمز ، وإن شك في حرف : هل يكون موصولا أو مقطوعا ؟ فليقرأ بالوصل ، وإن شك في حرف : هل هو ممدود أو مقصور ؟ فليقرأ بالقصر ، وإن شك في حرف : هل هو مفتوح أو مكسور ؟ فليقرأ بالفتح ; لأن الأول غير لحن في موضع ، والثاني لحن في بعض المواضع .

قلت : أخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود ، قال : إذا اختلفتم في ياء وتاء ، فاجعلوها ياء ، ذكروا القرآن .

ففهم منه ثعلب أن ما احتمل تذكيره وتأنيثه كان تذكيره أجود .

ورد : بأنه يمتنع إرادة تذكير غير الحقيقي التأنيث لكثرة ما في القرآن منه بالتأنيث ، نحو : النار وعدها الله [ الحج : 72 ] والتفت الساق بالساق [ القيامة : 29 ] قالت لهم رسلهم [ إبراهيم : 11 ] وإذا امتنع إرادة غير الحقيقي فالحقيقي أولى .

قالوا : ولا يستقيم إرادة أن ما احتمل التذكير والتأنيث غلب فيه التذكير ، كقوله تعالى : والنخل باسقات [ ق : 10 ] أعجاز نخل خاوية [ الحاقة : 7 ] فأنث مع جواز التذكير قال تعالى أعجاز نخل منقعر [ القمر : 20 ] من الشجر الأخضر [ يس : 80 ] .

قالوا : فليس المراد ما فهم ، بل المراد ب ( ذكروا ) الموعظة والدعاء ، كما قال تعالى فذكر بالقرآن [ ق : 45 ] إلا أنه حذف الجار ، والمقصود ذكروا الناس بالقرآن ، أي : ابعثوهم على حفظه كيلا ينسوه .

قلت : أول الأثر يأبى هذا الحمل .

وقال الواحدي : الأمر ما ذهب إليه ثعلب ، والمراد أنه إذا احتمل اللفظ التذكير والتأنيث ولم يحتج في التذكير إلى مخالفة المصحف ذكر ، نحو : ولا يقبل منها شفاعة [ البقرة : 48 ] . قال : ويدل على إرادة هذا أن أصحاب عبد الله - من قراء الكوفة كحمزة والكسائي - ذهبوا إلى هذا ، فقرءوا ما كان من هذا القبيل بالتذكير ، نحو : يوم تشهد عليهم ألسنتهم [ النور : 24 ] وهذا في غير الحقيقي .

التالي السابق


الخدمات العلمية