الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله ؛ أعلم الله - جل وعز - أن عدة شهور المسلمين - الذين تعبدوا بأن يجعلوا لسنتهم - اثنا عشر شهرا؛ على منازل القمر؛ فجعل حجهم وأعيادهم؛ [ ص: 446 ] وصلاتهم في أعبادهم هذا العدد؛ فالحج؛ والصوم يكون مرة في الشتاء؛ ومرة في الصيف؛ وفي فصول الأزمان على قدر الشهور؛ ودوران السنين؛ وكانت أعياد أهل الكتاب ومتعبداتهم في سنتهم يعملون فيها على أن السنة ثلاثمائة يوم وخمسة وستون يوما وبعض يوم؛ على هذا يجري أمر النصارى؛ واليهود؛ فأعلم الله - جل وعز - أن سني المسلمين على الأهلة؛ وقوله : منها أربعة حرم ؛ الأربعة الحرم : المحرم؛ ورجب؛ وذو القعدة؛ وذو الحجة؛ فلا تظلموا فيهن أنفسكم ؛ قيل : في الأربعة؛ وقيل في الاثني عشر؛ فمن قال : " في الأربعة " ؛ قال : أراد تعظيم شأن المعاصي؛ كما قال - جل وعز - : فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ؛ فالفسوق لا يجوز في حج؛ ولا غيره؛ ولكنه - عز وجل - عرف الأيام التي تكون فيها المعاصي أكثر إثما وعقابا؛ وقوله : وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ؛ فـ " كافة " ؛ منصوب على الحال؛ وهو مصدر على " فاعلة " ؛ كما قالوا : " العاقبة " ؛ و " العافية " ؛ وهو في موضع " قاتلوا المشركين محيطين بهم باعتقاد مقاتلتهم " ؛ وهذا مشتق من " كفة الشيء " ؛ وهي حرفه؛ وإنما أخذ من أن الشيء إذا انتهى إلى ذلك كف عن الزيادة؛ ولا يجوز أن يثنى؛ ولا أن يجمع؛ ولا يقال : " قاتلوهم كافات " ؛ ولا " كافين " ؛ كما أنك إذا قلت : " قاتلوهم عامة " ؛ لم تثن؛ ولم تجمع؛ وكذلك " خاصة " . [ ص: 447 ] هذا مذهب النحويين. وقوله - عز وجل - : واعلموا أن الله مع المتقين ؛ تأويله أنه ضامن لهم النصر.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية