الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال الله تعالى : أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين [المؤمنون :68] ، كما قال تعالى : أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا [النساء :82] ، وقال : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها [محمد :24] . وقال تعالى : والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب [الزمر :17 - 18] ، كما قال : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون [الأعراف :204] ، وقال : وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين [الأحقاف :29] ، وقال : قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد [الجن :1 - 2] .

فحض سبحانه على تدبر القول كما حض على استماع القول ، فإن قوله : أفلم يدبروا استفهام ، وأداة الاستفهام إذا دخلت على حرف النفي كان للتقرير ، كقوله : ألم نشرح لك صدرك [الشرح :1] ، وقوله : ألم يجدك يتيما فآوى [الضحى :6] . لكن هذا في الجمل الخبرية . فقوله : [ ص: 35 ]

أفلم يدبروا القول ، إن أجري على هذا كان المعنى أنهم قد تدبروا القول فوجدوه حقا ، وإلا كان هذا استفهام إنكار بمعنى الأمر والتحضيض ، كقوله : أفلا يتدبرون القرآن ، وهذا أشبه بالمعنى . لكن . . .

ثم القول الذي أمر بتدبره وأمر باستماعه هو القرآن ، فانحرف قوم من المتكلمة فيما يتدبرونه إلى أقوال محدثة ، وانحرف قوم من المتعبدة فيما يستمعونه متبعين له إلى سماع أقوال محدثة ، وجعل بعضهم قوله تعالى : يستمعون القول عاما لكل قول من الآيات والأبيات ، فاستمعوا هذين ، وربما رجحوا سماع الأبيات ترجيحا حاليا أو اعتقاديا أيضا ، كما أن الأولين يتدبرون وينظرون نظر انتفاع في الأقوال المشروعة والأقوال غير المشروعة ، وربما رجحوا أقوال المتكلمين على قول الله ورسوله اعتقادا أو حالا .

التالي السابق


الخدمات العلمية