الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5851 [ ص: 626 ] 113 - باب: التكني بأبي تراب وإن كانت له كنية أخرى 6204 - حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان قال: حدثني أبو حازم، عن سهل بن سعد قال: إن كانت أحب أسماء علي - رضي الله عنه - إليه لأبو تراب، وإن كان ليفرح أن يدعى بها، وما سماه أبو تراب إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - . غاضب يوما فاطمة، فخرج فاضطجع إلى الجدار إلى المسجد، فجاءه النبي - صلى الله عليه وسلم - يتبعه، فقال: هو ذا مضطجع في الجدار فجاءه النبي - صلى الله عليه وسلم - وامتلأ ظهره ترابا، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح التراب عن ظهره يقول: "اجلس يا أبا تراب". [انظر: 441 - مسلم: 2409 - فتح: 10 \ 587]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث سهل قال: إن كانت أحب أسماء علي - رضي الله عنه - إليه لأبو تراب .. الحديث، فذكر سببه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: "اجلس يا أبا تراب". وقد أسلفنا أن الكنية موضوعة لإكرام المدعو بها وإتيان مسرته; لأنه لا يتكنى المرء إلا بأحب الكنى إليه، وهو مباح له أن يتكنى بكنيتين إن اختار ذلك، ولا سيما إن كناه بأحدهما رجل صالح أو عالم فله أن يتبرك بكنيته; لأن عليا كان أحب الكنى إليه أبو تراب.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن أهل الفضل قد يقع بينهم وبين أزواجهم ما جبل الله عليهم البشر من الغضب والحرج حتى يدعوهم ذلك إلى الخروج عن بيوتهم، وليس ذلك بعائب لهم، وفيه ما جبل الله عليه رسوله من كرم الأخلاق وحسن المعاشرة وشدة التواضع، وذلك أنه طلب عليا واتبعه حتى عرف مكانه ولقبه بالدعابة، وقال له: "اجلس أبا تراب ". ومسح التراب عن ظهره; ليبسطه ويذهب غيظه ويسكن نفسه بذلك، ولم يعاتبه على مغضبته لابنته.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 627 ] وفيه من الفقه: الرفق بالأصهار وترك معاتبتهم، وسيأتي هذا المعنى في الاستئذان في باب: القائلة في المسجد ، وسلف في الصلاة في باب: نوم الرجل في المسجد.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: ما ترجم له وهو جواز كنيتين سيما إن شرفه في الثانية كما مر. وقوله: (إن كانت أحب أسماء علي إليه لأبو تراب). أنث (كانت) على تأنيث الأسماء، مثل: وجاءت كل نفس [ق: 21] ومثل: كما شرقت صدر القناة من الدم. وقوله: (ما سماه أبو تراب إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ) كذا هو في الأصول، وأورده ابن التين بلفظ: (أبو). قال: وصوابه: أبا.

                                                                                                                                                                                                                              (فائدة: قوله: "اجلس" هو المستعمل. قال الخليل: يقال لمن كان قائما: اقعد. ولمن كان نائما: يا ساجد اجلس. ورد عليه ابن دحية بحديث "الموطأ" في الحلبة حيث قال للقائم: اجلس ) .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية