الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 168 ] فصل . يكره الأنين على الأصح ، وكذا تمني الموت عند الضرر ، كذا قيدوا ، وكذا في الخبر ، ولعل المراد أنه خرج على الغالب ، وأنه يكره مطلقا ، ولهذا قال : { إما محسنا فيزداد وإما مسيئا فلعله يستعتب } قال عليه السلام : { فإن كان لا بد متمنيا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي } رواه أحمد والبخاري ومسلم من حديث أنس . وقيل : يستحب هذا ، جزم به بعضهم ، ولعل المراد : مع عدم الضرر ، جمعا بينه وبين خبر عمار أنه صلى صلاة فأوجز فيها ، فأنكروا ذلك ، فقال : ألم أتم الركوع والسجود ؟ قالوا : بلى ، قال : أما إني قد دعوت فيها بدعاء { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق ، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، وتوفني ، إذا كانت الوفاة خيرا لي ، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وكلمة الحق في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى ، ولذة النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقائك ، وأعوذ بك من ضراء مضرة ، ومن فتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين } ، رواه النسائي عن يحيى بن حبيب بن عربي عن حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن أبيه قال : صلى بنا عمار ، فذكره . سمع حماد من عطاء قبل أن يتغير ، فهو حديث جيد ، ورواه أحمد : حدثنا إسحاق الأزرق ، عن شريك ، وعن أبي هاشم ، عن أبي مجلز قال : صلى بنا عمار ، فذكره . [ ص: 169 ] ولا يكره لضرر بدينه ، ويتوجه : يستحب ، للخبر المشهور { وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون } إسناده جيد ، رواه أحمد ، والترمذي وصححه ، قال أحمد في رواية المروذي : أنا أتمنى الموت صباحا ومساء أخاف أن أفتن في الدنيا .

                                                                                                          وقال في رواية محمد بن عوف : الفتنة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس .

                                                                                                          ومراد الأصحاب [ رحمهم الله ] : غير تمني الشهادة على ما في الصحيح : { من تمنى الشهادة خالصا من قلبه أعطاه الله منازل الشهداء } ، وفي البخاري أن عمر سأل الله الشهادة ، وروي عن الصحابة في قصة أحد وغيرها ، وذكره بعضهم في كتابه الهدي ، وفي فنون ابن عقيل : قال عالم يوما لكرب دخل عليه : ليتني لم أعش لهذا الزمان ، فقال متحذلق يدعي الزهد يريد أن يظهر اعتراضه على أهل العلم : لا تقل هذا وأنت إمام تتمنى على الله تعالى ، ما أراده الله بك خير مما تتمناه لنفسك ، وهذا اتهام لله ، فأجابه : من أين لك لسان تنطق بما لا نكير على العلماء ؟ كأنك تعلمهم ما لا يعلمون ، وتوهم أنك تدرك [ عليهم ] ما يجهلون . أليس الله قد حكى عن مريم { يا ليتني مت قبل هذا } وقال أبو بكر الصديق : يا ليتني كنت مثلك يا طائر .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية