الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ثبا ]

                                                          ثبا : الثبة : العصبة من الفرسان ، والجمع ثبات وثبون وثبون ، على حد ما يطرد في هذا النوع ، وتصغيرها ثبية . والثبة والأثبية : الجماعة من الناس ، وأصلها ثبي ، والجمع أثابي وأثابية ، الهاء فيها بدل من الياء الأخيرة ; قال حميد الأرقط :


                                                          كأنه يوم الرهان المحتضر وقد بدا أول شخص ينتظر     دون أثابي من الخيل زمر
                                                          ضار غدا ينفض صئبان المدر

                                                          أي باز ضار . قال ابن بري : وشاهد الثبة الجماعة قول زهير :


                                                          وقد أغدو على ثبة كرام     نشاوى واجدين لما نشاء

                                                          قال ابن جني : الذاهب من ثبة واو واستدل على ذلك بأن أكثر ما حذفت لامه إنما هو من الواو نحو أب وأخ وسنة وعضة ، فهذا أكثر مما حذفت لامه ياء ، وقد تكون ياء على ما ذكر . قال ابن بري : الاختيار عند المحققين أن ثبة من الواو ، وأصلها ثبوة حملا على أخواتها ; لأن أكثر هذه الأسماء الثنائية أن تكون لامها واوا ، نحو عزة وعضة ، ولقولهم ثبوت له خيرا بعد خير أو شرا إذا وجهته إليه ، كما تقول : جاءت الخيل ثبات أي قطعة بعد قطعة . وثبيت الجيش إذا جعلته ثبة ثبة ، وليس في ثبيت دليل أكثر من أن لامه حرف علة . قال : وأثابي ليس جمع ثبة ، وإنما هو جمع أثبية ، وأثبية في معنى ثبة ; حكاها ابن جني في المصنف . وثبيت الشيء : جمعته ثبة ثبة ; قال :


                                                          هل يصلح السيف بغير     غمد فثب ما سلفته من شكد

                                                          أي فأضف إليه غيره واجمعه . وثبة الحوض : وسطه ، يجوز أن يكون من ثبيت أي جمعت ، وذلك أن الماء إنما تجمعه من الحوض في وسطه ، وجعلها أبو إسحاق من ثاب الماء يثوب ، واستدل على ذلك بقولهم في تصغيرها ثويبة . قال الجوهري : والثبة وسط الحوض الذي يثوب إليه الماء ، والهاء هاهنا عوض من الواو الذاهبة من وسطه ; لأن أصله ثوب ; كما قالوا : أقام إقامة وأصله إقواما ، فعوضوا الهاء من الواو الذاهبة من عين الفعل ; وقوله :


                                                          كم لي من ذي تدرإ مذب     أشوس أباء على المثبي

                                                          أراد الذي يعذله ويكثر لومه ويجمع له العذل من هنا وهنا . وثبيت الرجل : مدحته وأثنيت عليه في حياته إذا مدحته دفعة بعد دفعة . والثبي : الكثير المدح للناس ، وهو من ذلك لأنه جمع لمحاسنه وحشد لمناقبه . والتثبية : الثناء على الرجل في حياته ; قال لبيد :


                                                          يثبي ثناء من كريم وقوله     ألا انعم على حسن التحية واشرب

                                                          والتثبية : الدوام على الشيء . وثبيت على الشيء تثبية أي دمت عليه . والتثبية : أن تفعل مثل فعل أبيك ولزوم طريقه ; أنشد ابن الأعرابي قول لبيد :


                                                          أثبي في البلاد بذكر قيس     وودوا لو تسوخ بنا البلاد

                                                          قال ابن سيده : ولا أدري ما وجه ذلك ، قال : وعندي أن أثبي هاهنا أثني . وثبيت المال : حفظته ; عن كراع ; وقول الزماني أنشده ابن الأعرابي :


                                                          تركت الخيل من آثا     ر رمحي في الثبى العالي
                                                          تفادى ، كتفادي الوح     ش من أغضف رئبال

                                                          قال : الثبى العالي من مجالس الأشراف ، وهذا غريب نادر لم أسمعه إلا في شعر الفند . قال ابن سيده : وقضينا على ما لم تظهر فيه الياء من هذا الباب بالياء ; لأنها لام ، وجعل ابن جني هذا الباب كله من الواو ، واحتج بأن ما ذهب لامه إنما هو من الواو نحو أب وغد وأخ وهن في الواو ، وقال في موضع آخر : التثبية إصلاح الشيء والزيادة عليه ; وقال الجعدي :


                                                          يثبون أرحاما وما يجفلونها     وأخلاق ود ذهبتها المذاهب

                                                          قال : يثبون يعظمون يجعلونها ثبة . يقال : ثب معروفك أي أتمه وزد عليه . وقال غيره : أنا أعرفه تثبية أي أعرفه معرفة أعجمها ولا أستيقنها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية