الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( الفرق الثامن عشر والمائتان بين قاعدة ما يوجب استحقاق بعضه إبطال العقد في الكل وبين قاعدة ما لا يقتضي إبطال العقد في الكل ) إذا استحق بعض ما اشتريته أو صالحت عليه أو وجدت به عيبا فله أحوال لأنه إما أن يكون مثليا أو مقوما ، وإما أن يكون معينا أو شائعا فأما المثلي فهو المكيل ، والموزون فإن كان المستحق منه قليله لزمك باقيه لأن القليل لا يخل بمقصود العقد ، والأصل لزوم العقد لك ، وإن استحق كثيره فإنك تخير بين حبس الباقي بحصته من الثمن لأنه حقك في العقد وبين رده لذهاب المقصود ، وهو جل المعقود عليه فقد ذهب مقصود العقد في المعنى .

وأما المقوم غير المثلي إن استحق أقلها إن كانت ثيابا ونحوها رجعت بحصته من الثمن لبقاء جل المعقود عليه فلم يختل مقصود العقد ، وإن استحق وجه الصفقة انتقصت كلها ، ويرد باقيها لفوات مقصود العقد ، ويحرم التمسك بما بقي بحصته من الثمن لأن حصته لا تعرف حتى تقوم فهو بيع بثمن مجهول هذا في استحقاق المعين ، وكذلك في العيب إذا وجدته بها ، وأما الجزء الشائع إذا استحق مما لا ينقسم فيخير في التمسك بالباقي بحصته من الثمن لأن حصته [ ص: 33 ] معلومة بغير تقويم فاستصحب العقد بحسب الإمكان فهذه خمسة أحوال ، والفرق بينهما قد ظهر

[ ص: 30 - 33 ]

التالي السابق


[ ص: 30 - 33 ] حاشية ابن حسين المكي المالكي

( الفرق الثامن عشر والمائتان بين قاعدة ما يوجب استحقاق بعضه إبطال العقد في الكل وبين قاعدة ما لا يقتضي إبطال العقد في الكل ) وهو أن ما اشتريته أو صالحت عليه إذا استحق بعضه أو ، وجدت به عيبا فله ستة أحوال تنقسم إلى ثلاثة أقسام : ( القسم الأول ) ما يقتضي فيه ذلك تخييرك في التماسك والرجوع بحصة البعض المستحق أو المعيب من الثمن ، وفي رده ، وذلك في ثلاث حالات : ( الحالة الأولى ) أن يكون البعض المستحق أو المعيب شائعا مما لا ينقسم ، وليس من رباع الغلة فيخير فيما [ ص: 64 ] ذكر لأن حصة ذلك البعض معلومة بغير تقويم فيستصحب العقد بحسب الإمكان ، ولضرر الشركة سواء استحق الأقل أو الأكثر . ( الحالة الثانية ) أن يكون ذلك البعض معينا مثليا ، وهو الأكثر فتخير فيما ذكر لذهاب مقصود العقد في المعنى . ( الحالة الثالثة ) أن يكون ذلك البعض شائعا مما ينقسم أو من المتخذ للغلة ، وهو الثلث فتخير فيما ذكر أيضا لأن حصته من الثمن معلومة قبل الرضا به .

( القسم الثاني ) ما لا يقتضي فيه ذلك إبطال العقد في الكل بل لزوم التمسك بالباقي ، وذلك في حالتين : ( الحالة الأولى ) أن يكون ذلك البعض شائعا مما ينقسم أو متخذا لغلة ، وهو دون الثلث فيجب التمسك ، والرجوع بحصة ذلك البعض من الثمن . ( الحالة الثانية ) أن يكون ذلك البعض معينا ، وهو الأقل سواء كان من مقوم كالعروض والحيوان أو من مثلي أي مكيل أو موزون فيجب التمسك والرجوع في المقوم بحصة ذلك البعض بالقيمة لا بالقسمة ، وفي المثلي بحصة ذلك البعض من الثمن قال الأصل لأن القليل لا يخل بمقصود العقد لبقاء جل المعقود عليه ، والأصل لزوم العقد لك . ( القسم الثالث ) ما يقتضي تعين رد الباقي ، وذلك في حالة واحدة ، وهي أن يكون ذلك البعض معينا من المقوم ، وهو وجه الصفقة فيتعين حينئذ إبطال العقد في الكل ، ويرد الباقي لفوات مقصود العقد ، ويحرم التمسك بما بقي بحصته من الثمن لأن حصته لا تعرف حتى تقوم فهو بيع بثمن مجهول ففي حاشية البناني على عبق عند قول خليل في مختصره من فصل الاستحقاق ، وإن استحق بعض فكالبيع أي المعيب ما نصه حاصل استحقاق البعض أن تقول لا يخلو إما أن يكون شائعا أو معينا فإن كان شائعا مما لا ينقسم ، وليس من رباع الغلة خير المشتري في التماسك والرجوع بحصة المستحق من الثمن ، وفي رده لضرر الشركة سواء استحق الأقل أو الأكثر ، وإن كان مما ينقسم أو كان متخذا لغلة خير في استحقاق الثلث ، ووجب التمسك فيما دونه ، وإن استحق جزء معين فإن كان خصوصا كالعروض والحيوان رجع بحصة البعض المستحق بالقيمة لا بالتسمية ، وإن استحق وجه الصفقة تعين رد البناني .

ولا يجوز التمسك بالأقل ، وإن كان مثليا فإن استحق الأقل رجع بحصته من الثمن ، وإن استحق الأكثر خير في التمسك والرجوع بحصته من الثمن ، وفي الرد ، وكذلك يخير في التمسك والرد في جزء شائع مما لا ينقسم لأن حصته من الثمن معلومة قبل الرضا به انظر الحطاب ا هـ .

كلام البناني بلفظه ، وسلمه الرهوني وكنون ، وهو عين ما في الأصل ، وسلمه [ ص: 65 ] ابن الشاط إلا أنه زاد على ما في الأصل بيان حكم حالتي البعض الشائع إن كان مما ينقسم أو كان متخذا لغلة ، وهو ثلث أو دونه فلذا عولت عليه في بيان الفرق لا على ما في الأصل فتنبه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية