الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إذ أنتم بالعدوة الآيتين .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : إذ أنتم بالعدوة الدنيا

                                                                                                                                                                                                                                      قال : شاطئ الوادي : والركب أسفل منكم قال : أبو سفيان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في قوله : إذ أنتم بالعدوة الدنيا الآية، قال : العدوة الدنيا : شفير الوادي الأدنى، والعدوة القصوى : شفير الوادي الأقصى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة في قوله : والركب أسفل منكم قال : كان أبو سفيان أسفل الوادي في سبعين راكبا، ونفرت قريش وكانوا تسعمائة وخمسين فبعث أبو سفيان إلى قريش وهم بالجحفة : إني قد جاوزت القوم فارجعوا، قالوا : لا والله لا نرجع حتى نأتي ماء بدر .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 137 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : والركب أسفل منكم قال : أبو سفيان وأصحابه مقبلين من الشام تجارا لم يشعروا بأصحاب بدر ولم يشعر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بكفار قريش ولا كفار قريش بهم حتى التقوا على ماء بدر فاقتتلوا فغلبهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأسروهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير في قوله : وهم بالعدوة القصوى من الوادي إلى مكة : والركب أسفل منكم يعني أبا سفيان وعيره وهي أسفل من ذلك نحو الساحل : ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد أي ولو كان ذلك عن ميعاد منكم ومنهم ثم بلغكم كثرة عددهم وقلة عددكم ما لقيتموهم : ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا أي ليقضي ما أراد بقدرته من إعزاز الإسلام وأهله وإذلال الكفر وأهله من غير بلأ منكم ففعل ما أراد من ذلك بلطفه فأخرجه الله ومن معه إلى العير لا يريد غيرها، وأخرج قريشا من مكة لا يريدون إلا الدفع عن عيرهم، ثم ألف بين القوم على الحرب وكان لا يريد إلا العير فقال في ذلك : ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليفصل بين الحق [ ص: 138 ] والباطل : ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة أي ليكفر من كفر بعد الحجة؛ لما رأى من الآيات والعبر ويؤمن من آمن على مثل ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية