الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون

                                                                                                                                                                                                                                      يا بني آدم خطاب للناس كافة ، وإيرادهم بهذا العنوان مما لا يخفى سره .

                                                                                                                                                                                                                                      قد أنزلنا عليكم لباسا ; أي : خلقناه لكم بتدبيرات سماوية ، وأسباب نازلة منها ، ونظيره : وأنزل لكم من الأنعام ... إلخ ، وقوله تعالى : وأنزلنا الحديد .

                                                                                                                                                                                                                                      يواري سوآتكم التي قصد إبليس إبداءها من أبويكم ، حتى اضطرا إلى خصف الأوراق ، وأنتم مستغنون عن ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وروي أن العرب كانوا يطوفون بالبيت عرايا ، ويقولون : لا نطوف بثياب عصينا الله تعالى فيها ; فنزلت . ولعل ذكر قصة آدم عليه السلام حينئذ ، للإيذان بأن انكشاف العورة أول سوء أصاب الإنسان من قبل الشيطان ، وأنه أغواهم في ذلك كما أغوى أبويهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وريشا ولباسا تتجملون به ، والريش : الجمال ، وقيل : مالا ، ومنه : تريش الرجل ; أي : تمول ، وقرئ : ( رياشا ) وهو جمع ريش ، كشعب وشعاب .

                                                                                                                                                                                                                                      ولباس التقوى ; أي : خشية الله تعالى ، وقيل : الإيمان ، وقيل : السمت الحسن ، وقيل : لباس الحرب .

                                                                                                                                                                                                                                      ورفعه بالابتداء ، خبره جملة : ذلك خير ، أو خبر وذلك صفته ، كأنه قيل : ولباس التقوى المشار إليه خير ، وقرئ : ( ولباس التقوى ) بالنصب عطفا على لباسا .

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك ; أي : إنزال اللباس .

                                                                                                                                                                                                                                      من آيات الله دالة على عظيم فضله وعميم رحمته .

                                                                                                                                                                                                                                      لعلهم يذكرون فيعرفون نعمته ، أو يتعظون فيتورعون عن القبائح .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية